٢٦ ـ (وَإِذْ بَوَّأْنا) هيأنا (لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) وجدنا المسجد الحرام لعبادة الله الواحد الأحد (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) من الشرك بشتى صوره (لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) والطواف حول البيت معروف ، ولا يجب في أي بقعة من الأرض سواه ، المراد بالقائمين المقيمون في مكة وضواحيها وليس المصلين كما قيل ، لأن الله سبحانه قد عطف عليهم الركع السجود أي المصلين ، والعطف يستدعي المغايرة ـ في الغالب ـ.
٢٧ ـ (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) ناد أيها الناس حجوا إلى بيت الله الحرام (يَأْتُوكَ رِجالاً) جمع راجل أي مشاة (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) من فرس وناقة وغير ذلك مما يركب ، وإنما وصف بالضمور لأنه لا يصل إلى البيت إلا بعد ضموره (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) من طريق بعيد.
٢٨ ـ (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية حيث يكون هناك الاتصال والتلاقي بين العديد من الشعوب (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) عند ذبح البهائم ونحرها (فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) وأيام الذبح والنحر عند الشيعة أربعة من اليوم العاشر إلى الثالث عشر من ذي الحجة ، وعند غيرهم ثلاثة تنتهي بالثاني عشر منه (فَكُلُوا مِنْها) من ذبيحة الحج ، والأمر هنا للرخصة والإباحة ، وكان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم المراد بها النسك ، فرخّص سبحانه بالأكل ، ولم يوجبه (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) وهذا هو الهدف من الذبح في رأينا ، وليس إراقة الدم من حيث هو.
٢٩ ـ (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) التفث : الوسخ ، والمعنى بعد ان يحل الحاج من إحرامه ، يحلق ، ويقلم أظافره ، ويغتسل ، ويتطيب (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) إن كانوا قد نذروا شيئا من أعمال البر (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) القديم ، ويستحب الإكثار من الطواف حول البيت لأنه تماما كالصلاة.
٣٠ ـ (ذلِكَ) خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر ذلك (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) وهي ما حرم سبحانه من ترك ما حرم وفعل ما أوجب (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) لأن تعظيم أحكام الله بالطاعة ، يرفع من شأن المطيع عند الله درجات. (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) من تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله والمختنقة وغير ذلك مما جاء في الآية ٣ من المائدة (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) ابتعدوا عنها وعن عبادتها (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) يعم ويشمل الكذب والغيبة والنميمة والشتم والفحش وكل كلمة تغضب الله سبحانه.
٣١ ـ (حُنَفاءَ لِلَّهِ) وهم المخلصون له الدين القائمون بالحق المائلون عن الباطل (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) غير مطيعين لأعدائه ، ولا لأنفسهم الأمارة بالسوء التي تحملهم على معصية الله ومخالفته (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ
___________________________________
الإعراب : (بَوَّأْنا) متضمنة معنى هيأنا ولذلك دخلت اللام على ابراهيم ، ومكان منصوب ببوأنا. (أَنْ لا تُشْرِكْ) ان مفسرة لفعل محذوف أي أوحينا اليه ان لا تشرك. و (رِجالاً) حال أي مشاة على أرجلهم. وعلى كل ضامر أيضا حال أي مشاة وركبانا.