١٤ ـ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا ...) لما ذكر سبحانه أهل الضلالة وعذابهم عطف عليهم أهل الهداية وثوابهم كما هو شأنه ، عظم سلطانه (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) وإرادته تعالى عليمة وحكيمة ، تضع الأمور في مواضعها.
١٥ ـ (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) المراد بالسبب هنا الحبل ، وبالسماء ما يعلق به الحبل سقفا كان أو غيره ، وبالقطع الخنق والشنق ، والمعنى من نزلت به نازلة ، وضاق عليه مخرجها ، ويئس من عون الله في الدنيا وثوابه في الآخرة مع الصبر ـ فلينتحر شنقا وخنقا ، ثم يرى هل تذهب آلامه ، ويتحقق مرامه؟
١٦ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) القرآن (آياتٍ بَيِّناتٍ) حججا واضحة على التوحيد والبعث وغير ذلك (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي) إلى هذه الآيات البينات (مَنْ يُرِيدُ) وهو سبحانه لا يريد تشهيا وعبثا ، وإنما يعطي الهدى لمن يعلم منه صدق النية في طلب الهدى كما قال سبحانه : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) ـ ٣٠ النجم».
١٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) اليهود (وَالصَّابِئِينَ) طائفة كانت على دين نوح ، وتحولت منه إلى عبادة الملائكة أو الكواكب كما قيل (وَالْمَجُوسَ) يعبدون النار ويقولون : الخير من النور والشر من الظلمة (وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فيجازي كل طائفة بما كسبت ، وتقدم في الآية ٦٢ من البقرة.
١٨ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ ...) المراد بالسجود هنا الانقياد لأمره تعالى وما يجريه على الخلائق من تقدير وتدبير (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) يؤمنون بالله ويسجدون له (وَكَثِيرٌ) من الناس امتنع وابى (حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) يوم القيامة (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) أبدا لا رافع
___________________________________
الإعراب : ولبئس المولى اللام واقعة في جواب القسم المحذوف ، والجملة من القسم وجوابه خبر المبتدأ الأول ، وهو لمن. (مَنْ كانَ) من اسم شرط ، وفليمدد جوابه ، واللام في يمدد ويقطع وينظر للأمر تجزم فعلا واحدا. و (ما يَغِيظُ) ما مصدرية ، والمصدر المنسبك مفعول يذهبن أي هل يذهبن كيده غيظة. والمصدر من ان الله يهدي من يريد مفعول لفعل محذوف أي وأنزلنا ان الله يهدي من يريد وجملة إن الله يفصل خبر إن الذين آمنوا.