بالنبات (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) صنف (بَهِيجٍ) يسر الناظرين ، وهذا دليل آخر على إحياء الموتى.
٦ ـ ٧ ـ (ذلِكَ) الذي ذكرناه من أمر الأرض والإنسان دليل قاطع (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) القائم بذاته ، ولا يقوم سواه إلا بقدرة الله وإرادته.
٨ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) قال الماديون : لا طريق إلى العلم والمعرفة إلا الحس والتجربة ، وقال المثاليون : الطريق إلى المعرفة هو العقل وكفى ، أما القرآن فقد قرر بوضوح أن مصادر المعرفة ثلاثة : (١) التجربة (٢) العقل ، لأن الإنسان عينا ترى وعقلا يدرك (٣) الوحي ، لأن الله بكل شيء عليم ، وهذه الآية جمعت المصادر الثلاثة ، فالعلم إشارة إلى التجربة ، والهدى إلى العقل ، والكتاب المنير هو الوحي.
٩ ـ ١٠ ـ (ثانِيَ عِطْفِهِ) العطف : الجانب أو الرقبة ، ثنى عطفه لوى جانبه أو رقبته ، والمراد بثاني عطفه هنا المتكبر المعرض عن الحق. (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي إن جداله بغير علم يؤدي إلى الضلال عن الطريق السوي.
١١ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) لأمر كان يأمله (فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ) السرّاء (اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) الضراء (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) ارتد عن دينه ، وفي التفاسير : أن هذه الآية نزلت في بعض الإعراب الذين أسلموا ، فإذا اتفق لأحدهم ما يعجبه من مال وولد قال : هذا دين حسن وإلا تشاءم وارتد عن الإسلام (خَسِرَ الدُّنْيا) لأنه لم يحصل منها على شيء كما هو الفرض (وَالْآخِرَةَ) حيث أقدم على ربه كافرا به.
١٢ ـ (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) أصناما لا تضر ولا تنفع وتقدم مرات.
١٣ ـ (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) عبد المشرك الأصنام لينتفع بشفاعتها يوم القيامة ، فعومل بخلاف قصده حيث كانت السبب الموجب لعذابه (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) المولى : الناصر ، والعشير : الصاحب ، ومن اتخذ الصنم ناصرا أو صاحبا فالمصير الهاوية.
___________________________________
الإعراب : (ثانِيَ عِطْفِهِ) حال من ضمير (يُجادِلُ). والمصدر المجرور باللام في ليضل متعلق بيجادل. (لَهُ فِي الدُّنْيا) خبر مقدم ، وخزي مبتدأ مؤخر. ويدعو لمن ضره أقرب من نفعه. اختلفوا في اللام الداخلة على من : أي لام هي؟ وذكروا لها وجوها ، وأرجحها ان مفعول يدعو محذوف أي يدعو الأصنام ، ومن مبتدأ واللام لام الابتداء ، وضره مبتدأ ثان وأقرب خبر المبتدأ الثاني. والجملة من الثاني وخبره صلة لمن.