٢ ـ (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) هذا كناية عن هول الساعة وشدتها حيث لا مرضع ولا حامل يومذاك ، وعليه يكون المعنى لو كان ثمة مرضع لذهلت أو حامل لوضعت.
٣ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) إن النقاش والجدال بمعنى الكلمة لا يكون ولن يكون إلا بين عالمين ، لأن العالم يضل عقله عند محاورة الأحمق (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) كل من أخفى حقيقته بالشعوذة والرياء ليضلل الناس عن الطريق السوي فهو شيطان ، أما المريد فهو الذي بلغ الغاية من الفساد والعناد.
٤ ـ (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) من قلد الضال المضل قاده في الدنيا إلى كل سوء وفي الآخرة إلى عذاب الحريق بحكم مبدأ العلية.
٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) من شك في البعث فلينظر إلى ابتداء خلقه من أي شيء نشأ ووجد (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) بلا واسطة كخلق أبينا آدم ، أو بوسائط كخلقنا نحن ، فكل ما به حياتنا وبقاؤنا ينتهي إلى الماء والتراب وغيرهما من العناصر ، ولكن التراب هو الأول والأساس (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) المني (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) تتحول النطفة إلى دم جامد (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) تستحيل العلقة قطعة لحم كأنها ممضوغة (مُخَلَّقَةٍ) أي بعضها تام الخلقة (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) وبعضها الآخر ناقص الخلقة (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) قدرة الله على البعث وغيره (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وهو الذي تلد فيه المرأة (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) ضعيفا نفسا وجسما (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) تتكامل القوى ، وتتزايد شيئا فشيئا حتى الشباب (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى) قبل ذلك (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) هرم وخرف وضعف في الجسم والعقل ، ولا علاج يجدي ، ودواء يغني ، وتقدم في الآية ٧٠ من النحل (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) لا حياة فيها (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ) نبضت بالحياة ، وارتفعت
___________________________________
الإعراب : (اتَّقُوا رَبَّكُمْ) على حذف مضاف أي عذاب ربكم. و (يَوْمَ) متعلق بتذهل. (وَتَرَى) هنا بصيرية ، لا قلبية ، وتتعدى الى مفعول واحد وهو الناس ، وسكارى حال منهم. الضمائر الثلاثة في عليه وانه من تولاه تعود الى الشيطان ، وضمير فانه يضله للشأن ، والمصدر من انه من تولاه نائب فاعل لكتب. و (مَنْ تَوَلَّاهُ) من مبتدأ ، والمصدر من فانه يضله خبر لمبتدأ محذوف أي فالشأن إضلال الشيطان له ، والجملة من هذا المبتدأ وخبره خبر من تولاه ، وجملة من تولاه وخبره خبر انه الأولى. ونقر كلام مستأنف ، وجملة نقر خبر لمبتدأ محذوف أي ونحن نقر ، ومفعول نقر محذوف أي نقر الولد. و (ما نَشاءُ) ما مصدرية ظرفية أي مدة مشيئتنا والظرف متعلق بنقرّ. و (طِفْلاً) حال ، ولفظه مفرد ومعناه الجمع. وشيئا مفعول مطلق. و (هامِدَةً) حال لأن ترى هنا بصرية تتعدى الى مفعول واحد.