٨١ ـ (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) أي وسخر له الريح (عاصِفَةً) شديدة الهبوب تارة وخفيفة تارة تبعا لإرادته كما قال سبحانه : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) وطوع إرادته (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهي فلسطين.
٨٢ ـ (وَمِنَ الشَّياطِينِ) الجن (مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) في البحار ، يستخرجون اللؤلؤ والمرجان وغيرهما (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) كبناء المحاريب والتماثيل والجفان والقدور الراسيات كما في الآية ١٣ من سبأ.
٨٢ ـ ٨٣ ـ (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ) في قاموس الكتاب المقدس : «أيوب اسم عبري ، ولا يعرف معناه على وجه التحقيق ، ويقول بعضهم : انه قريب من اللفظ العربي آئب ، فربما يعني الراجع إلى الله والتائب إليه» (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) قالوا : كان لأيوب مال وأولاد ، فهلكوا بالكامل ، ثم تسلطت على جسمه الأسقام والآلام ، فصبر صبر الأحرار ، ولما تناهت الشدة ، وطالت المدة قال : ربّ مسّني الضر. ولم يقل تفاقم وتراكم كيلا تشعر شكواه بالضجر.
٨٤ ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) استجاب سبحانه دعوته ، ورد عليه عافيته ، لأنه صبر على بلاء الله صبر الأحرار ، وثبت على الإيمان ثبوت النبي المختار (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ) حيث ولدت امرأته عدد أولاده الموتى (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) وزاده الله من فضله أمثالهم عددا ، وأخلف عليه أكثر مما ذهب من ماله (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) لأنه المثل الأعلى للصبر والإيمان (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) المخلصين إذا أصابتهم مصيبة تأسوا بأيوب.
٨٥ ـ ٨٦ ـ (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ) انقاد إسماعيل واستسلم للذبح طاعة لله ولأبيه ، وإدريس مر ذكره في الآية ٥٦ من مريم ، أما ذو الكفل فلا نعرف عنه شيئا إلا انه من الصابرين الصالحين.
٨٧ ـ ٨٨ ـ (وَذَا النُّونِ) يونس (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) قومه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) لن نضيق عليه (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) في بطن الحوت (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِ) أخرجناه من بطن الحوت ، وتقدم الكلام عنه في سورة يونس.
___________________________________
الإعراب : و (كُلًّا) مفعول أول لآتينا وحكما مفعول ثان. ومع منصوبة بيسبحن. و (الطَّيْرَ) عطف على الجبال. و (لِسُلَيْمانَ) متعلق بفعل محذوف أي وسخرنا لسليمان. وعاصفة حال من الريح ومن الشياطين متعلق بفعل محذوف. و (مَنْ يَغُوصُونَ) من مفعول لفعل محذوف أي وسخرنا من الشياطين ، ويجوز أن تكون من مبتدأ ومن الشيطان خبر والجملة مستأنفة. و (دُونَ) ذلك متعلق بمحذوف صفة لعمل.