تقدم في الآية ٥٨ وما بعدها من البقرة.
١٦٣ ـ (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) على شاطئه ، والغرض من هذا السؤال التقريع والتوبيخ (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) يتجاوزون حدود الله بصيد الأسماك في يوم السبت ، وقد نهوا عنه (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) ظاهرة على وجه الماء ، فكانت الحيتان تكثر وتظهر للعيان في هذا اليوم ابتلاء لهم إذ كان صيدها حراما عليهم ، وتغيب عنهم في سائر الأيام.
١٦٤ ـ (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ...) انقسم الإسرائيليون في صيد الحيتان يوم السبت ثلاث فرق : الأولى عصت. والثانية عارضت. والثالثة وقفت على الحياد ، لم تعص ولم تعارض ، وقالت الثالثة للثانية : اتركوا العصاة لله وحده ، فإنه يستأصلهم عن آخرهم أو يبقيهم مع العذاب الأليم. فقالت الثانية : نهيناهم ليعلم الله سبحانه أنّا كارهون لما يفعلون ، وأيضا نرجو أن يرتدعوا عن غيهم.
١٦٥ ـ (فَلَمَّا نَسُوا) العصاة (ما ذُكِّرُوا بِهِ) وهو نهي جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) لأن التقوى عتق من الشهوات ، ونجاة من المهلكات (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ) شديد من البؤس.
اللغة :
حاضرة البحر أي على شاطئه. ويعدون أي يتجاوزون حكم الله. وشرعا ظاهرة على وجه الماء. والمعذرة والعذر بمعنى واحد والبئيس الشديد. والعتو العصيان. وخاسئين صاغرين.
الضمير في نسوا وذكروا وظلموا ويفسقون عائد إلى العصاة ، وضمير ينهون عائد إلى جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووصف الله العصاة بالفاسقين لأنهم فسقوا عن أمر ربهم ، وبالظالمين لأن كل من فسق عن أمر ربه فهو ظالم لنفسه ، والمعنى ان الله سبحانه أخذ المذنبين بذنبهم ، وأنجى المطيعين لطاعتهم.
____________________________________
الإعراب : (شُرَّعاً) حال من الحيتان. و (مَعْذِرَةً) خبر لمبتدأ محذوف أي موعظتنا معذرة. وبئيس صفة لعذاب.