١٥٠ ـ (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) تركهم على التوحيد فوجدهم مشركين ، فثار و (قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي) ارتدوا عن دينهم في حياة موسى ، فما ذا تكون الحال بعد موته؟
(أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) المراد بأمره تعالى غياب موسى عن قومه وانتظاره بأمر الله أربعين ليلة ، وفي آية ثانية «أفطال عليكم العهد ـ ٨٦ طه» والمعنى ما انتظرتم حتى يعود إليكم موسى (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) كانت التوراة بيده فوضعها جانبا (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) في قاموس الكتاب المقدس أن هرون كان أكبر من أخيه موسى بثلاث سنين (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) يجذبه نحوه لهول ما رأى من الكفر والشرك (قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) رأوني ضعيفا وعاجزا عن ردعهم بالقوة (وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) لشدة ما أنكرت وحذرت (فَلا تُشْمِتْ بِيَ) وبك أيضا (الْأَعْداءَ) وهم الذين عبدوا العجل (وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) لا تظهر غضبك علي كما أظهرته عليهم ، وهنا يلين موسى ، وتأخذه عاطفة الرحمة والأخوة ، وناجى ربه بقوله :
١٥١ ـ (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي ...).
١٥٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ ...) تهديد ووعيد لكل من عبد هواه سواء أتمثل بعجل أم بشخص أم بنقد أم بحزب.
١٥٣ ـ (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا) ما من شك أن من تاب عن الذنب كمن لا ذنب له.
١٥٤ ـ (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ...) النبي معصوم ، ما في ذلك ريب ، ولكن العصمة لا تحوّله عن طبيعة الإنسان إلى طبيعة ثانية ، تسلب عنه صفة الرضا والغضب ، بخاصة إذا كانا لله ، والمؤمن إذا غضب لا يخرج عن الحق ، وإذا رضي لا يدخل في باطل.
١٥٥ ـ (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) منصوب بنزع الخافض
اللغة :
المراد بالفتنة هنا العذاب ، ويأتي البيان ، و (هُدْنا إِلَيْكَ) أي تبنا اليك. والإصر الثقل الذي يمنع حامله من الحركة. والأغلال جمع غل بالضم حديدة تجمع يد الأسير أو الجاني إلى عنقه. والمراد بها هنا المشقة. والمراد بالتعزيز الإعانة والتوقير. المبين ص ٢١٦.
____________________________________
الإعراب : (غَضْبانَ) حال من موسى ، و (أَسِفاً) حال ثانية. (ابْنَ أُمَ) قرئ بفتح الميم على أن تكون ام وابن بمنزلة خمسة عشر ، وقرئ بكسر الميم ، والكسرة تدل على الياء المحذوفة لأن الأصل يا ابن أمي. (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) مبتدأ ، والخبر جملة (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.) واللام في لربهم تقوية لوصول الفعل إلى مفعوله ، مثل للرؤيا تعبرون.