قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أو النار وأهلها ... ويا هول ما رأوا ، فاستعاذوا بالله واسترحموا ... اللهم يا غني الأغنياء أجرنا من عذابك برحمتك وعفوك ، فإننا لا نطيق عدلك ، ولا وسيلة لنا إلى ذلك إلا الولاء لنبيك وآله ، عليهم أفضل صلواتك.
٤٨ ـ (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) المراد بالرجال هنا الجبابرة الذين تسلطوا على المستضعفين ظلما وعدوانا (قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) كنتم في الحياة الدنيا تنقصون من قدر الناس وكرامتهم ، وتتعالون عليهم بما تملكون من جاه ومال فكيف أنتم الآن؟ وفي أية حال من الهوان؟
٤٩ ـ (أَهؤُلاءِ) إشارة إلى المؤمنين المستضعفين (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) أيها الجبابرة المترفون وقلتم (لا يَنالُهُمُ اللهُ) غدا (بِرَحْمَةٍ) في الدنيا قال الأغنياء للفقراء : نحن السعداء في الدنيا والآخرة ، وأنتم البؤساء فيهما ، وحين جاء يوم الجزاء قيل لهؤلاء : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) وقيل لأولئك : ادخلوا النار وبئس القرار.
٥٠ ـ (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) فقد أجحف بنا وأهلكنا العطش (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) من طعام ، يستجدون بعد أن كان يستجدي منهم ، مع فارق كبير ، وهو أن فقر الدنيا إلى حين ، ويمكن الصبر عليه ، أما فقر الآخرة. فجحيم وإلى ما شاء الله. وبالمناسبة جاء في الحديث الشريف : اتقوا النار ولو بشق تمرة ... الصدقات كفارات (قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) بالله والانسانية وقيمها ، ولا يؤمنون إلا بأنفسهم وذويهم ومنافعهم.
٥١ ـ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) وتشمل هذه الآية لمكان كلمة «دينهم» المشرك والموحد الذي يؤوّل الدين تبعا لأهوائه وأهدافه الشخصية سواء أفعل ذلك عن قصد وعمد أم عن جهل بأنه يقول ويفعل بوحي من عاطفته ، وهو يظن بأنه من وحي الدين والإيمان حيث لا عذر إطلاقا لمن يعتد برأيه كوحي من السماء (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) نهملهم (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) أهملوه ، ولم يعملوا له ، وفي الأشعار : «وكما تراني يا جميل أراك» ناسيا أو ذاكرا.
٥٢ ـ (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ) بالقرآن (فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً) يهدي إلى الرشد ، ويبين ما يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم ضامنا لمن عمل به الهداية في الدنيا والرحمة في الآخرة.
٥٣ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) أتنظرون أيها الجاحدون فسوف يظهر للعيان أن كل ما نطق به القرآن من ثواب المتقين وعقاب المجرمين ـ هو حق وصدق. (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) بوقوع ما أخبر القرآن عنه حيث يرى كل إنسان جزاء عمله (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ