وهذه الرّواية تدلّ على الإحتياط في بعض افراد الحكم الشرّعي إذا كان جاهلاً به ولم يمكنه السّؤال.
ويمكن ان يقال : المراد بقوله : «مثل هذا» مطلق ما كنتم جاهلين به فالمراد بالممثالة المماثلة في الجهل لا ان يكون المراد من المثل الحكم المذكور بأن لا يعلم هل الجزاء واجب على كل واحد منهما عليحدة أو الواجب عليهما معاً جزاء واحد.
وأورد (١) عليها بانّها ليست من قبيل ما نحن فيه لانّ باصابة الصّيد علم اشتغال ذمّة كلّ من الرّجلين فيجب العلم ببراءة الذّمة ولايحصل الّا بجزاء تامّ من كلّ واحد منهما فلا يجوز التّمسّك باصالة براءة الذّمّة.
والحاصل انّه إذا قطع باشتغال الذمّة بشيء ويكون لذلك الشّيء فردان باحدهما تحصل البراءة قطعاً وبالاخر يشكّ في حصول براءة الذمّة فانّه حينئذٍ لا اعلم خلافاً في وجوب الإتيان بما يحصل به يقيناً براءة الذمّة لقولهم : لا يرفع اليقين الّا بيقين مثله (٢) وغير ذلك ونحن نجوز التمسّك بالاصل ما لم يقطع باشتغال الذمّة.
اقول : لقائل ان يقول : يجب العلم ببراءة الذّمة في القدر المتيقّن من التّكليف لا في القدر المشكوك ايضاً فالقدر الّذي يحصل العلم القطعي
__________________
(١) المورد صاحب الوافية فيها ص ١٩١.
(٢) وردت بهذا المضمون ـ لا بهذا اللفظ ـ احاديث متعددة منها ما في التهذيب ١ / ٨.