قسم لا يدرك العقل حسنه وقبحه مطلقاً وهذا كثير بحيث لا تعدّ ولاتحصى ولاشكّ انّ هذا القسم موقوف على نصّ الشارع ومادام لم يرد بها نصّ يكون على أصل الاباحة ولايكون على فعلها عقاب وكذا على تركها لأنّ المفروض انّ العقل غير متمكّن من ادراكها.
وقسم يدرك العقل حسنه وقبحه وهذا هو المتنازع فيه بين العقلاء بحيث صار محطّاً لرحال العلماء والاعلام وغرضاً لسهام النّقض والابرام فبعضهم يقول : انّ حسنها وقبحها ثابت بالعقل ولكن الثواب والعقاب موقوفان على نصّ من الشّارع فإن ورد نصّ من الشارع على فعلها أو تركها يثبت الثواب والعقاب ايضاً والّا فلا فهؤلاء يقولون لا ملازمة بين الوجوب والحرمة العقليّين والوجوب والحرمة الشرعيّين فربّما وجد الاوّل ولم يوجد الثاني وبالعكس وعرفت دلالة كلام المحقّق الطوسي (قدسسره) عليه حيث قال : الا ترى انّ كثيراً من القبائح العقليّة ليس بحرام في الشريعة ونقيضه ليس بواجب (١) ، وكلام السيّد المرتضى (قدسسره) (٢) ايضاً ينظر إلى هذا ، واختاره جمع آخر ايضاً.
قال شارح جمع الجوامع (٣) : «وتوسّط قوم فقالوا : قبحها ثابت بالعقل ،
__________________
(١ و ٢) راجع ص ٤٨ وليس هذا من كلام المحقّق الطوسى بل من صاحب الفوائد المدنيّة فراجع.
(٣) قال في كشف الظنون : جمع الجوامع في اصول الفقه لتاج الدين عبدالوهاب السبكى الشافعي المتوفّى ٧٧١ وله شروح كثيرة ... ومن شروحه شرح بدرالدين محمّد