انّما يكون عند القطع بأنّ جزءاً من اجزاء علّة الوجود لم يرتفع ومع عدم ارتفاعه يحصل اليقين بوجود المعلول لما مرّ من انّ بقاء المعلول انّما هو ببقاء علّته التّامّة وزواله انّما هو بعدمها ـ انتهى ـ.
وقال في موضع آخر مورداً على كلام الاستاذ العلّامة اعني الدّليل الذي ذكره لعدم الجريان :
اقول : اليقين بوجود الشيء في زمان يدلّ على وجود جميع ما يتوقّف عليه ذالك الشيء ، فلولا عروض الشّكّ في ارتفاع جزء من اجزاء ما يتوقّف عليها لكنّا قاطعين بوجوده بوجود علّتة التامّة ـ انتهى كلامه رفع مقامه ـ.
اقول : لا يخفى على المتأمّل الاريب انّ معنى قولنا : «اليقين لا ينقض بالشكّ» وقولنا : «شغل الذّمة اليقيني لا يدفع بالبراءة المشكوك فيها» انّه إذا ثبت وتحقّق اوّلاً من دليل عقلي أو نقلي انّ هناك يقيناً ثمّ ورد عليه الشّك لا يترك هذا اليقين بهذا الشكّ. ففي كلّ وقت من الاوقات أو حالة من الحالات حصل الجزم بثبوت حكم فيه ثمّ حصل الشكّ بثبوته فيه ايضاً باعتبار ما يصدق انّ هذا اليقين الثابت أولًّا لا ينقض بالشكّ.
وامّا إذا تحقّق اليقين في زمان وحصل الشكّ في زمان آخر لم يحصل اليقين فيه أولاً ، كيف يصدق فيه عدم نقض اليقين بالشكّ فيه؟ واحتياج شغل الذمّة اليقيني فيه إلى البراءة اليقينيّة؟ لانّه ليس فيه يقين حتى لا ينقض بالشكّ ، فإن قولنا : اليقين لا ينقض بالشكّ قضيّته في قوّة قولنا : اليقين باق