وهذا ان الوجهان هما اللّذان لا يجريان فيهما الاخبار ودليل احتياج شغل الذمّة اليقيني إلى البراءة اليقينيّة ، لانّ الظاهر من عدم نقض اليقين بالشكّ وثبوت شغل الذمّة اليقينيّ ان يدلّ دليل مع قطع النظر عن الشكّ على ثبوت الحكم يقيناً في الزّمان الّذي وقع الشكّ في ثبوت الحكم فيه بحيث لو لم يكن الشكّ حصل الجزم بالحكم في الزّمان المشكوك فيه كما إذا امرنا الشارع بايقاع الصّوم إلى الليل وحصل الشكّ في دخول اللّيل ، فإنّ الأصل عدم الدّخول لانّ ذمّتنا مشغولة يقيناً بالصّوم إلى اللّيل فيجب ان يحصل اليقين بدخول اللّيل ولذا هذا اليقين لا ينقض بشكّ الدخول. وكذا الحكم إذا كنّا على طهارة يقيناً وحصل الشكّ في عروض الحدوث. وكذا الحكم إذا دلّ الدّليل من الشارع على ثبوت الحكم ابداً امّا بنصّه أو بعمومه أو باطلاقه وحصل الشكّ في زمان لاجل معارض.
وامّا هذان الوجهان فليس الامر فيهما كذلك لانّ غاية ما ، ولا يدلّ الدليل فيهما انّ الحكم في زمان اوله استمرار ما يدلّ على ثبوته في الزّمان الّذي وقع فيه الشكّ ، فليس فيه يقين حتى لا ينقص بالشكّ أو يحتاج إلى البراءة اليقينيّة ، فاوّل الامر لم يكن في الزمان المشكوك فيه يقين حتى يحتاج إلى البراءة اليقينيّة ولا ينقض بالشكّ.
فالمناط في حجيّة الإستصحاب في هذين الموضعين هو الدّليلان الاخران اعني الاستقراء وظنّ البقاء وسيجيء لهذا زيادة توضيح ان شاء الله عند نقل كلام الاستاذ المحقّق الخوانسارى طاب ثراه.