ووجوب نيّة الخروج ، فإنّ الفقيه إذا تتبّع الادلّة الشّرعيّة وتفحّص الامارات النقليّة ولم يجد مستنداً على هذين الوجوبين مع عموم البلوى بهما ووجوب احتياج النّاس اليهما يصحّ له الحكم بعدم هذين الوجوبين في الواقع ونفس الامر.
وامّا إذا لم يكن الحكم ممّا يعمّ به البلوى فلا يصحّ الحكم بعدمه في الواقع ونفس الامر ، بل عدم الدّليل بعد الفحص يدلّ على براءة ذمّتنا عنه وعدم تكليفنا به وان امكن ان يكون في الواقع ونفس الامر واجباً أو غيره من الاحكام الخمسة ، وذلك لما عرفت من انّ لكلّ واقعة من الوقائع ولكلّ مسألة من المسائل حكماً واقعياً عند ائمّتنا الراشدين صلوات الله عليهم اجمعين الّا أنّهم (عليهمالسلام) لم يتمكّنوا من اظهار الجميع للتقيّة والخوف ، فيمكن ان يكون هذا الحكم عند الائمّة (عليهمالسلام) واجباً أو غيره من الاحكام الخمسة الّا انّه لم يبلغنا ، ولكن لاجل عدم البلوغ الينا لسنا مكلّفين به لقبح التكليف بما لا يعلمه المكلّفون.
ويدلّ على هذا القسم من الإستصحاب الادلّة الدّالة على أصل البراءة لانّه إذا ثبت انّ الأصل براءة الذمّة من الوجوب والحرمة يثبت ايضاً انّ عدمها مستصحب.
ولكن جريان هذه الادلّة انّما يكون في صورة يكون الحادث الّذي نريد نفيه بالإستصحاب حكماً من الاحكام الشرعيّة وامّا إذا لم يكن حكماً شرعيّاً.