وامّا الجواب عنه فهو انّ المراد بالحلال البيّن والحرام البيّن الواردين في الخبر هو الحلال والحرام البيّنين عند المكلّف لا ماهو حلال أو حرام في الواقع ونفس الامر ، والدليل على ذلك وقوع تقابلهما مع الشبهات ، فإنّه لا شكّ ان المراد من الشبهات ليس الشبهات في الواقع ونفس الامر لانّ لجميع القضايا والوقائع ولكلّ الامور والصّوادر حكماً ثابتاً عند الله تعالى فيكون لجميع القضايا ، والامور احكام واقعيّة نفس الامريّة والامور الّتي وقعت فيها الشبهة انّما هو عندنا ، فالمراد بالشبهات في الخبر ، الامور الّتي شبهات عندنا قطعاً فيجب ان نحمل الحلال والحرام الواردين في الخبر ايضاً على ما هو كذلك عندنا. ويشعر إلى ذلك لفظ «البيّن» كما لا يخفى على العارف الفطن.
وإذا كان الامر كذلك نقول : إذا اخذنا الحنظة أو اللحم أو الخبز أو غير ذلك من الاشياء عن يد مسلم ولم يدلّ دليل أو امارة أو قرينة على انّها مغصوبة أو مسروقة لا يحصل لنا شبهة مطلقاً بانّها يمكن ان يكون مغصوبة أو مسروقة لعدم تكليفنا بهذه الاحتمالات كما يدلّ عليه الاخبار فيكون كلّها من الحلال البيّن.
هذا مع انّه ان بني الامر على ان المراد بالحلال والحرام البيّنين ما هو كذلك في الواقع ونفس الامر ، يرد عليه انّه يلزم حينئذٍ ان لا يحصل العلم لاحد بالحرام والحلال ، بل كاد ان ينسلك ذلك في سلك المحال اللهمّ الا في احكام نادرة ومسائل قليلة لانّ القطع بحكم الله الواقعي من الممتنعات