جواز اجتماعهما فى شىء واحد ، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضى التضاد ، مثل : قراءة (عَلِمْتَ) بضم التاء للمتكلم ، وقراءتها بفتحها للمخاطب ، فاللفظ مختلف ، والمعنى مختلف. ولا تناقض ، فإن المتكلم يعلم ، والمخاطب يعلم. وبيان ذلك أن قوله تعالى :
(قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) (الإسراء : ١٠٢) على القراءة بفتح التاء يعنى أن الله تعالى لما آتى موسى ـ عليهالسلام ـ تسع آيات بينات ، وهى اليد ، والعصا ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والسنون ، ونقص الثمرات ، ومع ذلك أصر فرعون على الكفر ، قال له موسى : لقد علمت يا فرعون أن هذه الآيات ما أنزلها إلا الله تعالى للعبرة ، ولكنك تعاند. ففرعون هو الذى أضيف إليه العلم فى هذه القراءة.
والمعنى على القراءة بالضم أن موسى ـ عليهالسلام ـ هو الذى أضيف إليه العلم ، أضافه موسى إلى نفسه ، وأخبر بعلمه بذلك ، يعنى أن العالم بذلك ليس مسحورا أى مجنونا أو مخدوعا أو مغلوبا على عقله ، فاختلفت القراءتان فى اللفظ وفى المعنى ، ولم يمكن اجتماعهما فى شىء واحد ، ومع ذلك لم يتضادا ، لأنهما اجتمعا من وجه ، وهو حصول العلم بالغرض من الآيات لكل من موسى عليهالسلام ، وفرعون ـ لعنه الله.
ـ وعلى هذا فليس فى شىء من القراءات تناف ، ولا تضاد ، ولا تناقض (٨١).
ـ وقد ينظر فى تنويع اختلاف القراءات ـ مع النظر إلى اللفظ والمعنى ـ إلى صورة الخط ، والإثبات وعدمه ، والتقديم والتأخير ، فيخرج الناظر بهذه الطريقة بأنواع سبعة ، وهى :
ـ الاختلاف فى الحركات ، بلا تغير فى المعنى والصورة ، مثل (يَحْسَبُ) (سورة الهمزة : ٣ ـ وجميع النظائر) بفتح السين وكسرها.
ـ الاختلاف فى الحركات ، مع التغير فى المعنى ، وعدم التغير فى الصورة ، مثل (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (البقرة : ٣٧) بضم ميم (آدم) وكسر تاء (كلمات) ، وبفتح الميم ، وضم التاء.
ـ الاختلاف فى الحروف مع التغير فى المعنى لا الصورة ، مثل (تَبْلُوا) (يونس : ٣٠) ، وتتلوا.
ـ الاختلاف فى الحروف والتغير فى الصورة دون المعنى ، مثل (الصِّراطَ) (الفاتحة : ٦) ، و (السراط) (وإن كانت صورة