أسباب النزول
حقيقة سبب النزول (تعريف سبب النزول)
من خصائص نزول القرآن الكريم أنه لم ينزل جملة واحدة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكنه نزل مفرقا فى مدة الرسالة النبوية ، سواء كان ذلك فى آياته أو سوره ، وقد أشار القرآن الكريم إلى الحكمة من هذا التفريق فى النزول ، وهى تتمثل فى تيسير قراءته وحفظه ، وفهمه والعمل به ، وذلك فى قول الله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) الإسراء / ١٠٦.
كذلك فإن من خصائص نزول القرآن الكريم : أن منه ما نزل فى مواجهة الوقائع والأحداث والمناسبات ولكن ليس معناه أن نلتمس لكل آية فى القرآن سببا لنزولها ، أو قصة تلابس هذا النزول ، بل إن منه ما كان كذلك ، ومنه ما نزل ابتداء من غير سبب ، وقد نبه العلماء فى عبارة واضحة إلى هذا التقسيم ، قال الإمام برهان الدين ابن عمر الجعبرى (ت سنة ٧٣٢ ه) : «نزل القرآن على قسمين : قسم نزل ابتداء ، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال» (١).
وهذا القسم الأخير فى مقولة الجعبرى هو مدار البحث فى سبب النزول.
وبداية فإنه لا يتسنى بحث تفاصيل هذا الموضوع ما لم يتحدد مفهوم سبب النزول بطريقة واضحة ، ومن ثمّ فإن أول ما ينبغى معالجته فى هذا الصدد هو : تعريف سبب النزول ، فما هو؟
جماع ما قاله العلماء فى تعريفه أنه : «ما نزلت الآية أو الآيات فى شأنه أيام وقوعه :
بيانا لحكمه إذا كان حادثة أو نحوها ، أو جوابا عنه إذا كان سؤالا موجها إلى النبى صلىاللهعليهوسلم» (٢).
وفى التعريف أمران يحتاج كل منهما إلى بيان :
الأمر الأول : معاصرة السبب لما نزل فى شأنه من الآيات :
وهو ما عبر عنه فى التعريف بأنه : «ما نزلت الآية أو الآيات فى شأنه أيام وقوعه».
فالحادثة التى تعتبر فى اصطلاح العلماء سببا لنزول آية أو آيات من القرآن هى تلك الحادثة التى تكون قد وقعت فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم