الإيجاز بحذف الجملة
وهذه هى الدرجة الرابعة من صور الإيجاز بالحذف ، بعد حذف الحرف الواحد من بنية الكلمة ، وحذف الكلمة الواحدة من الجملة ، أو التركيب الواحد ، والذى عنيناه بحذف «الأداة» ثم حذف الكلمة غير الأداة ، اسما أو فعلا.
والصورة الرابعة ، أو النوع الرابع من الإيجاز بالحذف هو حذف التركيب الواحد من الكلام ، نعنى حذف الجملة : اسمية كانت أو فعلية.
وهذا النوع من الإيجاز شائع فى الأساليب العربية فى الشعر ، وفى النثر ، وفى القرآن الكريم ، ومن أمثلته الكثيرة فى القرآن الكريم قوله تعالى :
(فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) (١) ففي هذه الآية الكريمة إيجاز بحذف تركيب مكون من الفعل والفاعل ، وتقدير الكلام قبل الحذف : ب احذروا (٢).
وهو فعل أمر ، وفاعله واو الجماعة «وكلاهما قد اعتراه الحذف كما ترى.
ودليل الحذف فى الآية بقاء المفعول به منصوبا وهو : (ناقَةَ اللهِ) فناقة الله مفعول به منصوب بالفتحة كما ترى ، وليس فى الآية لفظ يصلح أن يكون هو عامل النصب فى (ناقَةَ) بل العامل محذوف. وأن ذلك المحذوف هو : احذروا أو اتركوا أو ذروا وأما الداعى البلاغى لهذا الحذف ، فوق تحقيق فضيلة الإيجاز ، فهو سرعة الوصول إلى المطلوب ، وهو صون حرمة الناقة وما قدّر الله لها من رزق ، وفى إضافة (ناقَةَ) إلى اسم الجلالة تعظيم لحرمتها ؛ لأنها ليست مجرد ناقة ، بل هى آية من آيات الله المخصوصة بالرعاية والعناية.
ومنه فى القرآن الكريم قوله تعالى :
(وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) (٣). وفى هذه الآية إيجاز بحذف التركيب الواحد (جملة فعلية) موطنه بين قوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا)