الإطناب
من معانى الإطناب فى اللغة : الإكثار والتطويل ، والمبالغة فيما أخذ فيه المرء ، ومثله الإسهاب. أما اصطلاح علماء المعانى ، فإن ما قالوه فى الإطناب لا يخرج عن معانيه فى اللغة ، التى تدور حول كثرة الكلام باعتبار المقام الوارد فيه الكلام ، والمعانى التى تراد منه ، لا مجردا عن هذه القيود.
فالإطناب ـ عموما ـ المبالغة فى النطق والوصف ، مدحا كان أو ذما ، وأطنب فى الكلام بالغ فيه وأطنب فى الوصف إذا بالغ واجتهد.
وأطنب فى الكلام أيضا إذا أبعد. وأطنب الإبل إذا اتبع بعضها بعضا (١).
والإطناب فى الاصطلاح البلاغى له اعتبارات وخصوصيات تميزه عن مفهوم الإطناب بالمعنى اللغوى العام.
فالمعنى اللغوى يعتمد على مقياس الزمن الذى يستغرقه الكلام طولا وقصرا. أما فى الاصطلاح البلاغى فإن منزع الإطناب يحصل من المقارنة بين الكلام وبين المعانى المرادة منه ، سواء طال زمن الكلام أو لم يطل.
لذلك فإنهم فرّعوا على تعريفهم للإطناب صورا ذوات خصوصيات دقيقة ، ومعايير فنية محددة أما تعريف الإطناب عندهم ، فقد عرفه الإمام أبو يعقوب السكاكى بقوله : «هو تأدية المعنى بأكثر من متعارف الأوساط» (٢).
ويقصد ب «متعارف الأوساط» الحديث اليومى الذى يجرى بين الناس فى تعاملاتهم ، وهو عنده لا يمدح ولا يذم (٣).
وفى الواقع نجد الإطناب أحد أوصاف ثلاثة للكلام عموما :
فهو إما أن يكون اللفظ مساويا لمعناه وإما أن يكون اللفظ ناقصا عن معناه غير مخل وإما أن يكون اللفظ زائدا على معناه لفائدة وعرفه ابن الأثير ممثلا له فقال.
«هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة (٤)» وقال : إن الإطناب يكون بالحقيقة ، ويكون بالمجاز ، مثل :
«ذقته بفمى» فإن كلمة «بفمى» إطناب لأن الإذاقة لا تكون إلا بالفم.
وأما الزيادة (الإطناب) بالمجاز فكقوله تعالى : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٥).
لم يبين ابن الأثير جهة التجوز التى حصل