الاعتراض
من معانى الاعتراض فى اللغة الإعاقة والدفع ، يقال اعترضه وعرض له : وقف فى طريقه ، ومنعه من التقدم ، وأعرض عنه :
انصرف عنه ، وعرّضه : جعله عرضة لكذا ، واعترض كذا : حال دونه (١).
وقد أكثر الأدباء والنقاد فى تعريفه ، وفى تحديد معناه. وأوردوا فيه ما لم يوردوه فى فنون القول :
فبعضهم يسميه التفاتا. قال الحاتمى عن الالتفات : وقد سماه قوم الاعتراض (٢).
ونحا ابن رشيق هذا المنحى (٣).
أما ابن المعتز فكان أقرب القدماء إلى تحديد هذا المعنى إذ قال :
«ومن محاسن الكلام والشعر أيضا :
اعتراض كلام فى كلام لم يتم معناه ، ثم يعود إليه فيتمه فى بيت واحد» (٤).
واستشهد عليه ببيت كثير عزة :
لو أن الباخلين ـ وأنت منهم ـ |
|
رأوك تعلموا منك المطالا |
والاعتراض فى بيت كثير حصل بجملة :
«وأنت منهم» حيث جاءت معترضة بين كلامين متصلين معنى ، وهما :
لو وأن واسمها ، ثم جواب لو ، وخبر أن.
وأصل الكلام : لو أن البخلاء رأوك تعلموا منك البخل والمراد من هذا الاعتراض العتاب والشكوى من الحبيبة إليها.
وفى القرن السادس الهجرى حسم الخطيب القزوينى الأمر فوضع للاعتراض تعريفا جامعا مانعا ، قال فيه :
«هو أن يؤتى فى أثناء الكلام ، أو بين كلامين متصلين معنى بجملة أو أكثر ، لا محل لها من الإعراب لنكتة» (٥) وتابعه عليه من جاء بعده من البلاغيين ، ومنهم شراح التلخيص (٦).
والاعتراض من الفنون البلاغية التى كثر ورودها فى القرآن الكريم ، وأريد منه معان غاية فى الروعة والإحكام.
ومن ذلك قوله تعالى : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً