بلاغة القرآن
الخبر
الخبر فى اللغة الإعلام ، ومعانيه تدور حول اكتساب المعرفة من مصادرها (١).
أما معنى الخبر فى اصطلاح البلاغيين فهو :
القول الذى يحمل الصدق والكذب لذاته (٢) ، أى دون النظر إلى قائله.
أو هو الكلام الذى له نسبة خارجية يراد مطابقتها أو عدم مطابقتها.
والأول تعريف القدماء. والثانى يجرى كثيرا على ألسنة المحدثين ، وفى كتاباتهم.
والخبر له ثلاث نسب ، تظهر من تحليل العبارة الآتية ، إذا قال قائل : رأيت الهلال الليلة هذه الجملة الخبرية لها نسب ثلاث.
الأولى : النسبة الكلامية ، وهى :
الإخبار برؤية الهلال ، وثبوت رؤيته لحظة فى الأفق.
الثانية : نسبة ذهنية ، وهى تخيّل السامع لهذا الكلام الهلال مرئيا فى الأفق.
الثالثة : النسبة الخارجية. وهى كون الهلال مكث لحظة فى الأفق بعد غروب الشمس ، فإن كانت هذه النسبة واقعية فعلا فالخبر صادق ، لتطابق النسبة واقعية فعلا فالخبر صادق ، لتطابق النسبة الخارجية مع النسبة الكلامية.
وإن كان الهلال لم يثبت له رؤية ، فالخبر كاذب ، لأنه لم يطابق الواقع. وهذا هو معنى عبارة المحدثين أن الخبر ما كان له نسبة خارجية (يعنى خارج الذهن) فإن أراد المتكلم بكلامه مطابقتها فيكون صادقا ، أو عدم مطابقتها فيكون كاذبا (٣).
والخبر هو شطر اللغة ، والشطر الثانى هو الإنشاء وفيهما تنحصر أساليب الأداء اللغوى ، وليس لهما ثالث. وكلاهما وارد بكثرة فى القرآن الكريم ، بل كل ما فى القرآن ، وكل ما فى سوى القرآن لا يخرج عن أسلوبى الخبر والإنشاء ، وسيأتى الحديث عنه. والبلاغيون يجمعون على أن وظيفة الخبر التى أرادها منه واضعو اللغة محصورة فى أمرين.
الأول : أطلقوا عليه مصطلح «فائدة الخبر» ومعناها أن المتكلم يفيد بخبره المخاطب بالخبر معنى جديدا لم يكن له به علم قبل سماعه الخبر. وهذا هو الأصل فى