الاستعارة المطلقة
الإطلاق فى اللغة ترك التقييد (١).
والإطلاق فى اصطلاح البيانيين هو خلو الاستعارة مما يلائم المشبه به ، فلا تكون مرشحة. وخلوها مما يلائم المشبه فلا تكون مجردة.
قال الخطيب : هى التى لم تقترن بصفة ولا تفريع كلام (٢).
ومن الإطلاق نوع آخر له شواهد فى الشعر العربى وهو ما كانت الاستعارة فيه مشتملة على ما يلائم المشبه به والمشبه معا ، ومع هذا لا يسميها البلاغيون لا مرشحة ولا مجردة ، ولا مرشحة مجردة ، بل هى عندهم استعارة مطلقة ، على اعتبار أن الترشيح والتجريد لما تقابلا فيها تساقطا واعتبرا كأنهما لا وجود لهما فى الكلام.
ومن أمثلتها عندهم قول زهير بن أبى سلمى :
لدى أسد شاكى السلاح مقذف |
|
له لبد ، أظفاره لم تقلّم |
استعار «أسد» للرجل الشجاع ، وشاكى السلاح يلائم المشبه ـ الرجل الشجاع ـ فهو تجريد ، أما «له لبد ـ أظفاره لم تقلم» فهما ترشيح لأنهما يلائمان المشبه به (الأسد).
فهذه استعارة مطلقة لا مرشحة ولا مجردة.
ولا مرشحة مجردة فى اعتبار واحد (٣).
وقد تابع البلاغيون ما قاله الخطيب ، فكان ذلك عندهم إجماعا (٤).
فالاستعارة المطلقة عندهم نوعان :
الأول ، وهو الأصل ، الاستعارات التى لم يذكر فيها ما يلائم المشبه (المستعار له) ولا ما يلائم المشبه به (المستعار منه).
والثانى : الاستعارات التى ذكر فيها ما يلائم كلا من المستعار له ، والمستعار منه.
والإطلاق فى النوع الأول حقيقى واقعى ، أما فى النوع الثانى فهو تقديرى اعتبارى والاستعارة المطلقة ، باعتبار النوع الأول الحقيقى الواقعى كثيرة الورود فى القرآن الكريم. ومن أمثلتها قوله تعالى :
(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) (٥).
استعار الصدع ، وهو الشق فى نحو حائط وغيره للتبليغ ، استعارة محسوس لمعقول ، والجامع هو قوة التأثير فى كل منهما ، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية المطلقة.