الاستعارة الأصليّة
الاستعارة الأصلية فى اصطلاح البلاغيين هي التى تكون فى أسماء الأجناس غير المشتقة (الجامدة) وقد أوضح الإمام السكاكى معناها فقال :
«أن يكون المستعار اسم جنسى ، كرجل وقيام وقعود ، ووجه كونها أصلية أن الاستعارة مبناها على تشبيه المستعار له بالمستعار منه» (١).
يقصد أن يتم هذا التشبيه الاستعارى بلا واسطة بين المستعار له «المشبه» والمستعار منه (المشبه به) كما سيأتى فى الاستعارة «التبعية» وقد اتفق جمهور البلاغيين على هذا الضابط الذى ذكره السكاكى للاستعارة الأصلية (٢). وحصر متأخروهم وقوع الاستعارة الأصلية فى هذين النوعين ، وهما :
* أسماء الأعيان (الذوات الحسية) الجامدة ، كأسد.
* ثم المصادر الجامدة ، مثل : الكرم ـ الحلم ـ الصيام ـ النطق.
وورود الاستعارة الأصلية فى القرآن مستفيض جدا ، ومنها قوله تعالى :
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ).
استعار الظلمات للضلال والجهل والكفر ، وكل من المستعار ، وهو الظلمات ، والمستعار له ، وهو الضلال ، اسمان جامدان غير مشتقين ، وهما من أسماء المعانى التى تدرك بالعقل. فالاستعارة ـ إذن ـ أصلية ، لجريانها فى الأسماء الجامدة.
والأمر المشترك بينهما ، ويسمى «الجامع» (٣) هو الحيرة والارتباك فى كل منهما. والقرينة المانعة ، من إرادة المعنى الحقيقى للظلمات حالية تفهم من المقام ثم استعارة «النور» للإيمان ، على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية ؛ لأن كلا من «النور» وهو المستعار ، و «الإيمان» وهو المستعار له اسمان جامدان غير مشتقين ، والجامع بينهما هو الهداية والاطمئنان. والقرينة حالية كذلك.
وهاتان الاستعارتان تفيدان المبالغة فى وصف الضلال بالظلمات ، وفى وصف الإيمان بالنور.