أمرهم ، وما هم عليه ؛ فأجابوه بالحق ، ودعوه إلى الله ـ عزوجل.
ولهذا : أخبر تعالى عنهم بقوله : (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) الآيات.
يقال : إن ملكهم ـ هذا ـ لما دعوه إلى الإيمان أبى عليهم ، وتهددهم ، وتوعدهم ، وأمر بنزع لباسهم عنهم ، الذى كان عليهم من زينة قومهم ، وأجلهم لينظر فى أمرهم ، لعلهم يراجعون دينهم الذى كانوا عليه ، وكان هذا من لطف الله بهم ، فإنهم فى تلك النظرة :
توصلوا إلى الهرب منه ، والفرار بدينهم من الفتنة ، فلما وقع عزمهم على الذهاب ، والهرب من قومهم ، واختار الله لهم ذلك ، وأخبر عنهم بذلك ، فى قوله تعالى : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) أى فارقتموهم بأديانكم ففارقوهم ـ أيضا ـ بأبدانكم (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) أى :
يبسط لكم رحمة يستركم بها من قومكم (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ) الذى أنتم فيه (مِرْفَقاً) أمرا ترتفقون به.
فعند ذلك : خرجوا هرابا إلى الكهف ، فأووا إليه ففقدهم قومهم من بين أظهرهم ، وتطلبهم الملك ، فلم يظفر بهم ، وعمى الله عليهم خبرهم.
وباقى قصتهم فى آيات سورة الكهف ، مبسوطة فى كتب التفسير بالمأثور (١٧).
٩ ـ الإنابة
ناب فلان إلى الله تعالى ، وأناب إليه إنابة ، فهو منيب : أى أقبل وتاب ورجع إلى الطاعة.
وقيل : ناب : لزم الطاعة ، وأناب : تاب ورجع.
والإنابة : الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة وإخلاص العمل.
يقول عزوجل : (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) (الرعد : ٢٧). أى :
ويهدى إلى دينه وطاعته من رجع إليه بقلبه.
ويقول تعالى : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) (الروم : ٣١) أى راجعين إلى ما أمر به ، غير خارجين عن شىء من أمره.
ويقول تعالى : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) (الزمر : ٥٤) أى توبوا إليه وارجعوا (١٨).
وقد وردت هذه المادة فى القرآن الكريم ثمان عشرة مرة.
١٠ ـ الأنصاب والأزلام
الأنصاب : جمع نصب وهى : كل ما عبد من دون الله تعالى.
قال ابن سيده : والأنصاب حجارة كانت حول الكعبة ، تنصب ، فيهلّ عليها ويذبح لغير الله.