بحر الفناء ، وقال : «إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة» (١).
وسمعت أن الخضروية قال لأبي يزيد : أريد أن أتوب ولا أقدر ، فقال : ويحك العزة لله وأنت تطلب العزة ويا فهم أن عقيب كل توبة توبة ، حتى تتوب من التوبة ، وتقع في بحر الفناء من غلبة رؤية القدم والبقاء.
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢))
قوله تعالى : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) فضله هاهنا معرفته ، ومعرفته الخروج من نعت الفقر والغنى ؛ لأنهما علتان موجبتان الشغل عن الله ، والعزيز في المعرفة من غنى بالله ، وبالاتصاف بصفته ، والاتحاد بنعت المعرفة بذاته تعالى عن كل علة ؛ فإن موارد شرائع جود مشاهدته مصاهر كل وارد بنعت الفناء في لقائه.
قال بعضهم : من صحّ افتقاره إلى الله صح استغناؤه بالله.
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤))
قوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) الخير هاهنا : التوحيد والمعرفة والتوكل والرضا والقناعة ، وصدق العمل والوفاء بالعهد والإشارة فيه أن الشيوخ إذا رأوا مريدا بهذه المثابة جاز لهم أن يجوزه له الخلوة والانفراد والإسفار والاستقلال بنفسه.
وقال الجنيد في قوله : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) : علما بالحق وعملا به.
وقال بعضهم : محبة لأهل الصلاح وميل إليهم.
(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ
__________________
(١) رواه البخاري (٥٩٤٨) ، ومسلم (٢٧٠١).