واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥))
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) (٢) : ظاهره وعيد ، وإشارة النازعات في الحقيقة إلى صولات صدمات تجلّي العظمة على قلوب العارفين ، بنزع الأرواح العاشقة عن المعادن الحدوثية إلى معادن ، وطوارقات تجلّي الكبرياء ، فتذروها في هواء الآزال والآباد ، حتى لا يبقى إلا وجهه ، ولا يدوم إلا ملكه.
(وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) (٢) : هي الأرواح الشائقة.
(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) (٣) : هي الأرواح العارفة ، تسبح في بحار ملكوته ، وقاموس كبرياء جبروته ، تطلب منها جواهر أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية.
(فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) (٤) : هي أنفاس الشائقين ، وهموم العارفين العاشقين يصاعدها لعالم الملكوت ، وجناب الجبروت ، تسابق كل هبة.
(فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (٥) : هي العقول القدسية ، تدبر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة (١).
(إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧))
قوله تعالى : (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (١٦) : طير روح كليمه في وادي قدس آزاله وآباده ، وطوى لها بعد إصفار القديم والبقاء ، فدنا منه ، وأغرقه في بحر جماله وجلاله ، وأسكره شهود العين ، بوصف كاد أن يكون هو هو من حيث الاتحاد والاتصاف ، فاستوفى جميع وجوده حظ الربوبية ، وبقي سمعه من الاتصاف بصفته ، فناداه حتى يكون جامعا في الاتصاف والاتحاد ، فلما كاد أن يدعي الأنائية من حدة السكر ، فناداه حتى يفيق من سكر سكره ، ولا يتجاوز عن حده ، فناداه أين أنت يا موسى؟ أنا ، أنا وأنت ، أنت ، وأحاله إلى
__________________
(١) قال القاشانى أقسم بالنفوس المشتاقة التى غلب عليها النزع إلى جناب الحق غريقة في بحار الشوق والمحبة والتي تنشط من مقر النفس وأسر الطبيعة أى تخرج من قيود صفاتها وعلائق البدن من قولهم نور ناشط إذا خرج من بلد إلى بلد أو من قولهم نشط من عقاله والتي تسبح في بحار الصفات فتسبق إلى عين الذات ومقام الفناء في الوحدة فتدبر بالرجوع إلى الكثرة أمر الدعوة إلى الحق والهداية وأمر النظام في مقام التفصيل بعد الجمع انتهى ثم إن النفوس الشريفة لا يبعد أن يظهر منها آثار في هذا العالم سواء كانت مفارقة عن الأبدان أولا فتكون مدبرات.