وقال القاسم : لا يدعو الحق أحد يسكن إليه حتى يشغله بغيره ؛ لأنه عزيز.
قوله تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) : فيه جواز إظهار الشيوخ للفراسة والكرامات لمريديهم ؛ ليزيد رغبتهم في الطريقة ، وفيه حثّ على ترك الاستقصاء فيما جرى من ترك الأدب ، فإنه صفة الكرام.
قال الحسن البصري : ما استقصى كريما قط ، ألا يرى الله تعالى يحكي عن نبيّه صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ.)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) ، أي : قدّسوا أنفسكم وأهاليكم من محبة الدنيا والاشتغال بها ، وأقبلوا على الله ببذل المهج ، وانصحوا أهاليكم ؛ كي يكونوا صالحين بمتابعتكم ، فإذا رغبتم في الدنيا فهم يشتغلون بها ، فإن زلة الإمام زلة المأمومين.
قال سهل : أي : بطاعة الله ، واتّباع السنن.
وقال ابن عطاء : بقبول نصح الناصحين.
قال الوراق : علّموهم الفرائض والسنن ؛ لتنقذوهم بها من النار.
قال أبو عثمان : في طلب الحلال لأنفسكم ولأهاليكم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) : دعاهم الله بالرجوع إليه رجوعا لا انقطاع فيه ، بحيث أقبلوا على الله نادمين على تضييع الأوقات غير