قال بعضهم : إن كنتم من أهل مودتي ، ومحبتي فخالفوا من خالف أمري ، أو يتركب نهيي ؛ فلا يكون محبّا من يصير على مخالفة حبيبه.
وقال الجنيد : الشفقة على المخالفين كالإعراض عن الموافقين.
وقال الواسطي : للمؤمن في كل خطوة فائدة ؛ فمن يتعظ استفاد ، ومن غفل حجب وخاب (١).
وقوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) زجرا لنفوسهم الأمارة لتتعظ برؤية عذاب الله وتنزجر عن معصية الله ، وتعرف الله قطع أنساب الخليقة من جلال الحقيقة ، فإن العبودية حقوق الربوبية.
قال أبو بكر بن طاهر : لا يشهد مواضع التأديب إلا من لا يستحق التأديب ، وهم طائفة من المؤمنين لا المؤمنون أجمع.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤))
قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (١٠) أي : لولا فضل الله لصرح بأسراركم ، ولم يستر على أحوالكم ، ولكن سبقت رحمته وتفضله لكم بأن ستر عوراتكم بحكمته البالغة ، وشريعته الجامعة ، وجعل رحمته موضع توبتكم بعد مباشرتكم مخالفته.
قال ابن عطاء : لولا فضل الله عليكم في قبول طاعتكم لخسرتم بما ضمن لكم في آخرتكم ، ولكن برحمته نجاكم من خسرانكم ، وتفضل عليكم.
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا
__________________
(١) قال الغزالي في «الإحياء» في الحديث : «خيار أمتي أحدّاؤها» يعني : في الدين.