الصلاة والسلام أكرمهم الله ، ولما رآهم الخليل على هيبة الملكوت استبشر برؤيتهم فيما استنشق منهم رائحة القربة ، أكرمهم بكرامة الله إياهم ، فصاروا مكرمين من جهة الحبيب والخليل عليهما الصلاة والسلام.
قال ابن عطاء : ضيف الكرام لا يكون إلا كريما ، فلما نزلوا بإبراهيم الخليل وكان سيد الكرام سمّاهم الله مكرمين.
قال جعفر : مكرمين حيث أنزلهم أكرم الخليقة وأظهرهم فتوة وأشرفهم نفسا ، وأعلاهم همة الخليل صلوات الله وسلامه عليه.
وقال يعقوب السوسي : ما تكلف لهم ، ولا اعتذر إليهم ، وهذا من أخلاق الكرام.
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥)فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦))
قوله تعالى : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) : كمال فتوة الخليل في إكرام أضيافه التعجيل بإحضار ما حضر عنده ، وتخبيره بأن جاء بأسمن ما عنده ، فإن من الفتوة وإكرام الضيف أن يختار من أحسن ما عنده لضيفه ، كان إكرام الضيف سجية الخليل ، ثم لما كان الأضياف رسل حبيبه زاد في إكرامهم ، بأن خدمهم بنفسه ، وقام على رؤوسهم ، وأكل معهم ، وهذا دأب العاشقين إكرام رسول الحبيب.
قال أبو العباس الدينوري : تعجيل القرى من المروءة ، ألا ترى كيف حكى الله عن