الْمُعْتَبِينَ (٢٤))
قوله تعالى : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ) : من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه ، لا يقدر أن يسترها ، ولو كان عالما بنفسه يستغفر في السر عند الله حتى تضمحل آثارها ، ولا يرى من وجوده تلك الآثار صاحب كل نظر.
قال أبو عثمان الحيري : من لم يذكر في وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترئ على الذنوب ، ومن ذكر ذلك جبن عن مباشرتها ، وربما تلحقه العصمة والتوفيق ، فتمنعانه عنها.
قوله تعالى : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) : فزيّن الكل النفس والشيطان ، النفس تزين لهم الشهوات ، والشيطان يزين لهم التسويف والإمهال ، وهذا ما بين أيديهم وما خلفهم.
قال الجنيد : النفس لا تألف الحق أبدا.
وقال ابن عطاء : النفس قرين الشيطان وإلفه ومتبعه فيما يشير إليها ، مفارق الحق مخالف له لا تألف الحق ولا تتبعه.
قال الله تعالى : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من طول الأمل ، (وَما خَلْفَهُمْ) من نسيان الذنوب.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) : وصف الله أهل التمكين من العارفين الذين شاهدوا الله بالله ، وعاينوه به ، واستقاموا في محبته ، فتعرضت لهم الأكوان