وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨))
قوله تعالى : (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) أي : استقيموا في إقبالكم إليه بنعت التفريد عن الأكوان والحدثان وعن وجودكم ، واصبروا في ساحة كبريائه حين شاهدتم أنوار عظمته وجلاله حتى يجري عليكم أحكام الفناء في بقائه وقميص الاستقامة لم يحظ للحدثان ، لذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «استقيموا ولن تحصوا» (١) ، وقال «شيّبتني هود وأخواتها» (٢) ؛ لما فيه من قوله : (فَاسْتَقِمْ) ، فإذا وقع عليكم العلم بمعرفته فاستغفروه من إدراككم وعلمكم به ومعاملتكم له ووجودكم في وجوده ؛ فإنه تعالى أعظم من درك الخليقة ، وتلاصق الحدثان بجناب جلاله.
قال بعضهم : الاستقامة مساواة الأحوال مع الأفعال والأقوال ، وهو ألا يخالف الظاهر الباطن والباطن الظاهر ، فإذا استقمت واستقامت أحوالك فاستغفر من رؤية استقامتك ، واعلم أن الله هو الذي قوّمك لا أنك استقمت.
(قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (١٦))
__________________
(١) رواه ابن ماجه (١ / ١٠١) ، وأحمد (٥ / ٢٧٦).
(٢) رواه الطبراني في الكبير (٦ / ١٤٨) ، وابن عدي في الكامل (٢ / ٢٤٧).