والكرم عليك وعلى أمتك.
قال سهل في قوله : (حم) : قضى في اللوح المحفوظ وكتب فيه ما هو كائن.
وقال الأستاذ : أي : بحقي وحياتي ومجدي في ذاتي وصفاتي إن هذا تنزيل من الرحمن الرحيم.
(بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤))
قوله تعالى : (بَشِيراً وَنَذِيراً) : بشيرا لمن أقبل إلى الله بنعت الشوق ، وطلب معرفة جلاله وجماله ، وكشف لقائه أن مأمولهم حصل لهم ، ونذيرا لمن أعرض عنه ، وأقبل إلى نفسه ، وينظر إلى طاعته ومعاملته ، وأيضا بشيرا للأولياء بنيل المقامات ، ونذيرا لهم يحذرهم من المخالفات لئلا يسقطوا من الدرجات.
قال محمد بن علي : بشيرا بمطالعة الرجاء ، ونذيرا بمطالعة الخوف.
وقال سهل : بشيرا للعاصين بالغفران والشفاعة ، ونذيرا للمطيعين ؛ ليستعملوا آداب السنن في طاعتهم.
قال الأستاذ : بشيرا لمن اخترناهم واصطفيناهم ، ونذيرا لمن أغويناهم وعن شهود آياتنا أعميناهم.
(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥))
قوله تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) أي : قلوبنا في أكنان قهريات الأزليات وفي بطش جبروت العظمة ألقتها في غيابات الغيّ وظلمات الريب ، وأبعدتها عن مشاهدتك وما أخبرتنا من أحكام العبودية وأنوار الربوبية ، وفي آذاننا وقرا لضلالة وغشاوة الغفلة ، لا تسمع خطاب الخاص بفهم الخاص وسمع الخاص ، وبيننا وبينك حجاب الشقاوة وغطاء الغباوة والغواية.
قال سهل : أي : قلوبنا في أغطية الإمهال ، فمالت إلى الشهوة والهوى ، ولم تسمع داعي الحق ، وفي آذاننا وقر أي : بها صمم من الخير ، ولا يسمع هواتف الحق.
وقال بعضهم : قلوبهم في حجاب من دعوة الحق ، وأسماعهم في صمم من نداء الحق ، كلّت ألسنتهم عن ذكر الحق ، وجعل بينهم وبين الحق حجاب الوحشة ، وهو الحجاب الذي لا يرفع أبدا.
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ