الوفاق والخلاف ، وهو يقلب الليل والنهار بما فيهما ، وهو قائم على الأشياء بالأشياء في بقائها وفنائها لا يؤنسه وجد ولا يوحشه فقد ، بل لا فقد ولا وجد ، إنما هي رسوم تحت رسوم.
(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١))
قوله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) دعوا إلى مشاهدة الله بنعت المحبة والمعرفة ، وعبوديته بنعت الإخلاص ، ودعوا إلى رسوله بالمتابعة والموافقة في الشريعة والطريقة ، وهنا أثقال من سارت مطيعة روحه بها في بيداء الأزل والأبد بقوة العناية والكفاية ، وكيف لا يعرض عنها المعرضون ، وليست هذه أحمال مطايا وجودهم المحروم في الأزل عن مشاهدة الأبد.
قال ابن عطاء : الدعوة إلى الله بالحقيقة ، والدعوة إلى الرسول بالنصيحة ، ومن لم يحب داعي الله كفر ، ومن لم يجب داعي الرسول ضل.
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣))
قوله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٥٢) من يطع الله في بذل وجودهم له ، ورسوله بالقبول منه ما أتى به بلغت الحرمة ، (وَيَخْشَ اللهَ) عرفه وعلم منه ما له من لطف صحبته وعزيز وصلته بنعت إجلاله وتعظيمه ، (وَيَتَّقْهِ) يتق من فرقته ، ومن هجرانه ووصل إلى غفرانه ، وعظم في عرفانه ، وظفر بإحسانه ، عين عاينه بلا كيف ، ولا حيث ، ولا حجاب ، ولا حساب.
وقال الواسطي : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) : في آداب الفرائض ، واجتناب المحارم ، ويخشى الله على ما مضى من ذنوبه من أن يكون مأخوذا بها ، وما مضى من حسناته ألا يقبل منه ، ويتقه أي : ويتق الله فيما بقي من عمره من ردة محبطة وعقوبة محجبة (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٥٢) أي : سبقت لهم السعادة.