الميثاق وسري مع الأحباب والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين يا محمد.
قال جعفر الصادق : يا سيدا مخاطبا لنبيه صلىاللهعليهوسلم بذلك ؛ لذلك قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنا سيّد» (١) ، ولم يمدح بذلك نفسه ، ولكن أخبر عن معنى مخاطبة الحق إياه بقوله : (يس.)
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨))
قوله تعالى : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) : حق القول الأزلي في الأزل إن أكثر الخلق لا يعرفونه ؛ لأنه غريب الأزل ، والأزلي لا يعرفه إلا الأزلي ، والحمد لله الذي حكم على الأكثر بالشقاوة ، وما حكم على الأقل الذين عرفوه به لا بغيره ، وهم أوراق بساتين قدسه ونسائم نرجس أنسه.
قال ابن عطاء : حق القول على أهل الشقاوة في الأزل ، إنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ، والنبي صلىاللهعليهوسلم يسمع خطابه من أسمعه الحق في الأزل نداء السعادة ، فإذا سمع نداء النبي صلىاللهعليهوسلم أجاب لما سبق له من إجابة لنداء الحق.
(وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠))
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) : سدّ ما خلفهم سدّ قهر الأزل ، وسدّ ما بين أيديهم شقاوة الأبد ، فينفسه منهم من نفسه لا جرم أنهم في غشاوات الغيرة ولا يبصرونه أبدا.
قال ابن عطاء في (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) : وهو طول الأمد ، وطمع البقاء ، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) : وهو الغفلة عما سبق منه من الجنايات ، وقلة الندم والاستغفار عليه أعماه تردده في الغفلات عن الاعتذار لما سبق منه من الجنايات.
وقال الأستاذ : أغرقناهم اليوم في بحار الضلالة ، وأحطنا بهم سرادقات الجهالة ، وفي الآخرة نغرقهم في النار والأنكال ، ويضيق عليهم الحال بالسلاسل والأغلال.
(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا
__________________
(١) رواه البخاري (٣ / ١٢١٥) ، ومسلم (١ / ١٨٤).