المجتهدين ، وطلب الطالبين ، وهرب الهاربين.
وقال الجنيد : لا هي مائلة إلى الدنيا ، ولا راغبة في الآخرة ، ولكنها فانية الحظ من الأكوان.
قال أبو علي الجوزجاني : في قوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بدأ بالنور والنور البيان ، فالله نور السماوات ، ومن نور اليقين سراج يضيئ في قلب المؤمن كما قال الله : (مَثَلُ نُورِهِ) يضيئ في قلب المؤمن ؛ لأن قلب المؤمن منور بالإيمان ، فنور قلبه من نور الله بيانا مبينا ؛ فهو ينظر بنور ربه إلى جميع ملكه ، فيرى فيها بدائع صنعه ، ويرى بنور المعرفة قدرة الله وسلطانه وأمره وملكه فيفتح له ذلك النور علم ما في السماوات السبع وما في الأرضين علما يقينا ، فيخضع له الملك ، ومن نبّه فيجب به كل شيء على ما يحب ويهوى مثل ذلك النور (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ) ، فنفس المؤمن بيت ، وقلبه مثل قنديل ، ومعرفته مثل السراج ، وفوه مثل الكوة ، ولسانه مثل باب الكوة والقنديل معلق بباب الكوة إذا افتتح اللسان بما في القلب من الذكر استضاء المصباح من كونه إلى العرش ، فالزجاجة هي التوفيق ، وفتيلتها من الزهد ، ودهنها من الرضا ، وعلائقها من العقل ، وهو قوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ).
وقال جعفر بن محمد : الأنوار تختلف أولها نور حفظ القلب ، ثم نور الخوف ، ثم نور الرجاء ، ثم نور الحب ، ثم نور التفكر ، ثم نور اليقين ، ثم نور التذكر ، ثم النظر بنور العلم ، ثم نور الحياء ، ثم نور حلاوة الإيمان ، ثم نور الإسلام ، ثم نور الإحسان ، ثم نور النعماء ، ثم نور الفضل ، ثم نور الآلاء ، ثم نور الكرم ، ثم نور العطف ، ثم نور القلب ، ثم نور الإحاطة ، ثم نور الهيبة ثم نور الحيرة ، ثم نور الحياة ثم نور الأنس ، ثم نور الاستقامة ، ثم نور الاستكانة ، ثم نور الطمأنينة ثم نور العظمة ، ثم نور الجلال ، ثم نور القدوة ، ثم نور الحول ، ثم نور القوة ، ثم نور الألوهية ، ثم نور الوحدانية ، ثم نور الفردانية ، ثم نور الأبدية ، ثم نور السرمدية ، ثم نور الديمومية ، ثم نور الأزلية ، ثم نور البقائية ، ثم نور الكلية ، ثم نور الهوية ، ولكل واحد من هذه الأنوار أهل وله حال ومحل كلها من أنوار الحق التي ذكر الله في قوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، ولكل عبد من عبيده مشرب من نور هذه الأنوار ، وربما كان حظه من نورين ومن ثلاث ، ولا يتم هذه الأنوار لأحد إلا للمصطفى صلىاللهعليهوسلم ؛ فإنه القائم مع الله بشروط تصحيح العبودية والمحبة فهو نور ، وهو من ربه على نور.
قال بعضهم : (نُورُ السَّماواتِ) الملائكة ونور الأرض الأولياء.