القربة والمناجاة ، وأنشد :
جفّت عيني عن التغميض حتّى |
|
كأنّ جفونها عنها قصار |
كأنّ جفونه سملت بشوك |
|
فليس لنومه فيها قرار |
أقول وليلتي تزداد طولا |
|
أيا ليلي لقد بعد النّهار |
وقال جعفر : خوفا منه وطمعا فيه.
وقال بعضهم : خوفا من القطيعة وطمعا في الوصلة.
وقال ابن عطاء : قرت أعينهم بما سبق لهم من حسن الموافقة مع ربهم.
وقال سهل : قرت أعينهم بما شاهدوا من ظاهر الحقائق وباطنها الذي يكشف لهم من علم المكاشفة مراده ، وتمسكوا به ، فقرت بذلك أعينهم ، وسكنت إليه قلوبهم.
وقال الجنيد : تجافت جنوب العارفين عن أنفسهم ، وتقطعت قلوبهم للحق ، وجنبت أسرارهم بالصدق.
قال محمد بن علي الباقر : تجافت جنوب الزهّاد من نعيم الدنيا لما وجدوا من حلاوة نعيم العقبى وجنوب العارفين عن التدبير والاختيار ؛ فاستقروا على أحكام الرضا.
وقال ابن عطاء : أخفى لهم من مبارزة ما تعجز النفوس عن التفكر فيها فلن تأملها.
قال الأستاذ : أما الأحباب فالليل لهم إما طرب في التلاقي أو هرب الفراق ، فإن كانوا في أنس القربة فليلهم أقصر من اللحظة ، كما قالوا بوصال مجدد ووداد :
زارني من هويت بعد بعاد |
|
بوصال مجدد وودادي |
وإن كان الوقت وقت مقاساة فرقة وانفراد بكونه فليلهم طويل كما قالوا :
كم ليلة فيك لا صباح لها |
|
أفنيتها قابضا على كبدي |
قد عصت العين بالدموع وقد |
|
وضعت خدّي على بنان يدي |
وقال قوم : خوفا من العذاب وطمعا في الثواب.
وآخرون : خوفا من الفراق وطمعا في التلاقي.
(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠))
قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١٨) : أفمن كان