عارفا بذاته وصفاته كمن كان جاهلا بجلاله وقدرته ، لا يستويان أبدا كما لا يستوي البصير والأعمى.
قال ابن عطاء : من كان في بصيرة الطاعة والإيمان لا يستوي مع من هو في ظلمات الفسق والطغيان.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣))
قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) : العذاب الأدنى حرمان المعرفة ، والعذاب الأكبر الاحتجاب عن مشاهدة المعروف ، وأيضا العذاب الأدنى المعرفة ، والعذاب الأكبر النكرة.
وقال بعضهم : العذاب الأدنى الهوان ، والعذاب الكبر الخذلان.
قال أبو الحسن الوراق : العذاب الأدنى الحرص في الدنيا ، والعذاب الأكبر هو أن يعذبه الله عليه.
وقال بعضهم : العذاب الأدنى التعب في طلب الدنيا ، والعذاب الأكبر شتات السر.
قال الأستاذ : العذاب الأدنى وقفة في سلوكهم ، والأكبر حجبه عن مشاهدة مقصودهم ، قال قائلهم :
أدّبتني بانصراف الطرف يا ثقتي |
|
فانظر إليّ فقد أحسنت تأديبي |
ويقال : العذاب الأدنى الخذلان في الزلة ، والأكبر الهجران في الوصلة.
ويقال : العذاب الأدنى تكدر مشاربهم بعد صفوها ، كما قالوا :
لقد كان ما بيني زمانا وبينه |
|
كما بين ريح المسك والعنبر الورد |
والعذاب الأكبر لهم تطاول أيام العذاب من غير تبين آخرها وبقاء ضرهم ونفاد صبرهم وقيام قيامتهم ، كما قالوا :
تطاول عهدنا بالأمر حتّى |
|
لقد نسجت عليه العنكبوت |
(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا