تشريع سواها ، أعطت لكلّ واقعة حكمها ، سواء كان لها وجود في عصر الرسول الأكرم أو لا ، ويؤيد ذلك ، ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في خطبة حجة الوداع قال : «معاشر الناس ما من شيء يقرّبكم إلى الجنة ويباعدكم عن النار إلّا أمرتكم به ، وما من شيء يقرّبكم إلى النار ، ويباعدكم عن الجنّة إلّا وقد نهيتكم عنه». (١) وعلى ضوء ذلك فنحن نقطع بأنّ للشارع فيها حكماً شرعياً قطعاً.
٢ ـ إذا حصل القطع من طريق القول بالملازمة بأنّ حكم الشارع في هذه الواقعة ، هو ذا ، فلا وجه في التوقف في لزوم إطاعته وحرمة عصيانه ، مع العلم بأنّ القطع في مورد العلم بالأحكام ، طريقي محض ، وليس موضوعاً للحكم حتّى يلاحظ لسان دليله ، وانّه هل اخذ ، على وجه الإطلاق أو على وجه خاص.
ومع هذين الأمرين لا يشك العقل في لزوم إطاعته وحرمة عصيانه.
نعم المختار عند الأخباريين عدم حجية الحكم المستكشف عن طريق العقل. وانّه لا اعتبار بالعلم الحاصل من غير الكتاب والسنّة وقد استندوا في ذلك إلى روايات نذكر بعضها :
١ ـ استدل الفاضل التوني بما رواه حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : قال لي : اكتب ، فأملى علي : إنّ من قولنا إنّ الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرّفهم ، ثمّ أرسل إليهم رسولاً ، وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى ، أمر فيه بالصلاة والصيام (٢) ولم يذكر الفاضل كيفية الاستدلال ، غير انّ الشيخ الأعظم ناب عنه في البيان وقال : وجه الدلالة انّ قوله : «ارسل» عطف على الموصول لعدم الاعتداد بالارسال لولاه لتمام الحجة بدونه فيدل على أنّ الله لا يحتج بالعقل وحده وهو المطلوب. (٣)
__________________
(١) البحار : ٧٠ / ٩٦ ح ٣.
(٢) الكافي : ١ / ١٦٤ ، كتاب التوحيد ، باب حجج الله على خلقه ، الحديث ٤.
(٣) مطارح الأنظار : ٢٤٧ ولا يخفى ما في العبارة من الخفاء لأنّ لفعل عطف على الصلة لا على الموصول.