٢ ـ وبذلك يظهر عدم ترتّب الثواب والعقاب ، فانّهما مترتّبان على الإرادة والكراهة وهما غير ثابتين بمجرّد حسن الفعل الكراهة ، فما أفاده شيخنا العلّامة ردّاً على السيد الصدر من أنّ الثواب والعقاب ليس دائرين مدار الخطاب ، بل مدار الإرادة والكراهة وإن كان في غاية الجودة ، لكن عرفت أنّ مجرّد حسن الفعل أو قبحه لا يستلزمان الإرادة والكراهة ، وذلك لأنّه ليس كل حسن ، موافقاً للغرض وكل قبيح مخالفاً له ، وبدونهما لا يكاد أن يكون الشيء مراداً ومكروهاً ولا كل موافق للغرض ، مراداً فعلاً كما في صورة تزاحم الواجب بالأهم.
وقد عرفت ممّا ذكر موارد انفكاك حكم العقل بالحسن والقبح عن حكم الشرع وذلك :
إمّا لعدم قابلية المحل للطلب المولوي كالإطاعة والعصيان.
وإمّا لوجود المانع كما في صور المزاحمة بالأهم.
وإمّا لوجود علّة غير معلوم كما في فعل الصبي المميز وكثير من أفعال الأنام في صدر الإسلام. (١)
يلاحظ عليه :
أمّا أوّلاً : فلأنّ ما أفاده من أنّ الإنسان ربما يحسن الشيء ولا يريده ، كما لا يريد الإحسان من عدوه وربّما يُقبّح الشيء ولا يكره ، كما في الظلم على العدو ، إنّما يتم في الأفراد الغارقة في الأغراض الشخصية والمصالح المادية ، وأمّا الإنسان المنسلخ عنها ، فالايمان فيه يدعو إلى العمل ولا ينفك عنه.
فالقوّة العاقلة التي هي رئيس القوى إذا كانت معجبة للشيء أو مشمئزّة عنه ، تطلب فعل الأوّل وترك الثاني وإنّما ينفك الإيمان عن العمل ، إذا كانت القوّة العاقلة ، محكومة بالدواعي النفسانية والأغراض المادية ، وهي خارجة عن البحث.
__________________
(١) الفوائد الأُصولية : ٣٤١ ـ ٣٤٣.