الإرادة والاختيار ، من أن الإرادة إنما تنشأ من مصلحة وملاك في متعلقها لا في نفسها ، إذن فهذه الإرادة التعيينية لصلاة الظهر موقوفة على ملاك تعييني في متعلقها ، والمفروض أنه لا يوجد ملاك تعييني لصلاة الظهر لأن المفروض أن صلاة الجمعة بديل لها ، إذن لا يعقل نشوء هذه الإرادة التعيينية لأن الإرادة التعينيّة لصلاة الظهر فرع ملاك تعييني لها ، والمفروض عدم هذا الملاك ، نعم نفس الإرادة فيها ملاك لأن الإرادة التعينيّة ينشأ منها بركة وهذه البركة هي أن صلاة الجمعة سوف تصبح ببركة هذه الإرادة التعيينية ذات مصلحة ، وهذه فائدة قائمة بنفس الإرادة ، ولكن بيّنّا سابقا أن الإرادة لا تنشأ من مصلحة في نفسها وإنما تنشأ من مصلحة في متعلقها.
البيان الثالث :
هو أن تحقق الملاك في الجامع موقوف على تعلق الأمر بالواقع تعيينا إذ لو لا ذلك لم تكن الإمارة متعلقة بما يخالف الواقع فلا يمكن أن يوجب ذلك انقلاب الأمر التعييني إلى الأمر التخييري بالجامع ، فإن الشيء يستحيل أن ينفي علّته ويلزم من وجوده عدمه.
ويجاب عليه نقضا وحلا.
أمّا نقضا فيقال ، بأن الوصول إلى هذه النتيجة المستحيلة ، وهي لزوم نفي الشيء لعلته وبالتالي لنفسه إنما كان بسبب أمرين ، أحدهما ، افتراض تولد ملاك في الجامع من الأمر التعييني ـ بالواقع ، والآخر ، افتراض أنه إذا صار الملاك في الجامع لا محالة حينئذ ينتفي الأمر التعييني بالواقع ويتبدل إلى الأمر التخييري بالجامع وحينئذ يقال بأنه لما ذا يكون فساد هذه النتيجة برهانا على بطلان الأمر الثاني ، فليكن برهانا على بطلان الأمر الأول.
وأمّا حلا ، فيقال ، بأن كون الملاك في الجامع ليس موقوفا على تعلق الأمر التعييني بالواقع ، وإنما إمكانية الإتيان بالفرد الثاني من هذا الجامع خارجا ـ وهو العمل بمؤدّى إمارة مخالفة للواقع ـ هو المتوقف على تعلق