الجهة الرابعة
الطلب والإرادة
بعد أن ذكروا أن لفظ الأمر موضوع للطلب ، وقع الكلام في تحقيق معنى الطلب ، فهل الطلب صفة نفسانية قائمة في الإنسان ، على حدّ قيام القدرة والعلم والإرادة ، أو فعل نفساني قائم في الإنسان ، أو فعل خارجي قائم به؟.
فمن هنا ، وقع الكلام في مقام تحقيق معنى الطلب ، في أنه ما هي النسبة والعلاقة بين الطلب والإرادة ، وفي أن الطلب هل هو عين الإرادة ، أو هو غير الإرادة ، فانجرّ الحديث الأصولي بذلك ، إلى حديث كلامي ، بين الأشاعرة والمعتزلة ، حيث اختلفوا في التغاير بين الطلب والإرادة ، فذهب المعتزلة إلى العينية ، والأشاعرة إلى المغايرة ، وحيث أن أحد أدلة الأشاعرة على المغايرة مبنيّ على مبناهم في الجبر ، فلهذا انتهت مسألة اتحاد الطلب والإرادة ، إلى مسألة الجبر والاختيار.
أمّا كيف يكون أحد أدلة الأشاعرة على المغايرة ، مبنيا على مبناهم في الجبر ، فملخّص ذلك ، أنهم قالوا بترتيب مقدمتين.
المقدمة الأولى
هي أن الإرادة التشريعية من قبل المولى لا يمكن أن تتعلق بفعل غير مقدور للعبد ، فلا يمكن أن ينقدح في نفس المولى ، إرادة تشريعية لطيران