قرص الشمس وبالدلالة التصورية الالتزامية ، على الضوء المنتشر في العالم ، باعتبار ارتكاز الملازمة بين القرص والضوء ، كذلك الحال هنا ، ف «افعل» بحسب الحقيقة لها مدلولان تصوريان ، مدلول تصوري مطابقي ، وهو النسبة الإرسالية ، ومدلول تصوري التزامي ، بمعنى أنه ينتقش في الذهن تصورا ، وهو الإرادة ، ولهذا لو سمعنا كلمة «افعل» من الحجر ، ينتقش في الذهن كلا هذين التصورين ، النسبة الإرسالية ، وإرادة المادة تصورا أيضا ، باعتبار الملازمة النوعية بين هذين المطلبين.
وأمّا الطلب ، فإن قلنا ، بأن الطلب عبارة أخرى عن الإرادة (١) ، كما هو مبنى صاحب الكفاية ، إذن فدلالة صيغة «افعل» على الطلب ، يكون بالدلالة التصورية الالتزامية ، وإذا قلنا بأن الطلب ، شيء وراء الإرادة (٢) ، وهو السعي نحو تحصيل المقصود ، وإلّا مجرد الإرادة والشوق النفساني ، دون التحرك الخارجي نحو المقصود ، لا يصدق عليه طلب ، فحينئذ ، تكون صيغة افعل في المقام ، باعتبار كونها دالة على الإرادة ، وباعتبار كونها واقعة في طريق تحصيل المقصود ، فهي تكون مصداقا للطلب حقيقة ، ويكون عنوان الطلب منطبقا على الصيغة حقيقة ، على حد انطباق العنوان الانتزاعي على منشأ انتزاعه.
ثم إن لصيغة «افعل» وراء مدلوليها التصوريين ، مدلولا تصديقيا ، وهو عبارة عن كشف الصيغة ، عن أن في نفس المتكلم يوجد إرادة ، وهذه الدلالة التصديقية غير مربوطة بالوضع ، كما تقدم في مبحث الوضع ، من أنّ الدلالات التصديقية للألفاظ ، دلالات سياقية ، تنشأ من الظهور الحالي ، ومن السياق ، ولا دخل للوضع فيها ، وأمّا الوضع فإنما هو أساس للدلالات التصورية.
ثم بعد أن اتضح مدلول الصيغة ، نقول ، بأن المعروف بين المحققين
__________________
(١) المشكيني ـ ج ١ ـ ص ٩٥ ـ ٩٦.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام الآمدي ج ٢ ص ١٣١ ـ ١٣٢.