المقام من صغريات الأقل والأكثر الارتباطيين ، فتجري البراءة هنا ، بناء على جريانها هناك.
وأما على المسلك الثاني ، القائل بمتمم الجعل ، فإن متمم الجعل جوهرا وروحا روح الأمرين الضمنيين ، وإن لم يكونا أمرين ضمنيين بحسب الجعل ، ولكن كأنهما أمران ضمنيّان روحا وجوهرا.
فعلى هذا ، إذا شكّ في قصد القربة ، يكون الشك في الوجوب الزائد ، فتجري البراءة ، إذ يقال ، بأن وجوب أصل الصلاة معلوم ، ووجوب قصد القربة بالجعل الثاني مشكوك ، فتجرى البراءة عن هذا الوجوب المشكوك.
وكذلك أيضا ، تجري البراءة ، بناء على مسلكنا في تصوير حقيقة الواجب التعبدي ، حيث أننا وإن ذهبنا إلى أنّ قصد القربة لا يمكن أن يتعلق به لا الأمر الأول ولا الأمر الثاني ، ولكن مسلكنا أن الأمر التعبدي ينحل إلى أوامر متعددة ، «إلى صلّ ، وكلما صلّيت صلّ إلى أن تأتي بالصلاة بقصد القربة» ، بينما الأمر التوصلي أمر واحد ، يسقط بمجرد الإتيان بالفعل ، وعلى هذا المسلك ، لو شك في واجب ، أنه تعبدي أو توصلي ، فهذا معناه ، الشك في وجود أمر ثاني ب «صلّ» ، بعد أن أتيت بالصلاة بدون قصد القربة ، وعدم وجود أمر ثاني ، فيرجع الشك ، إلى الشك في الوجوب الشرعي الزائد ، فتجري البراءة عنه.
نعم هذا الوجوب الشرعي الزائد المشكوك على مسلكنا ، ليس هو وجوب قصد القربة ، بل هو وجوب تكرار نفس الفعل.
إذن على هذه المسالك الثلاثة ينبغي القول بإجراء البراءة ، لأن التعبدية مرجعها إلى وجوب شرعي زائد ، فالشك في التعبدية ، شك في الوجوب الشرعي الزائد ، فتجري البراءة ، كما هو الحال في سائر موارد الشك في التكليف.