الجهة الثانية ، وهي في أخذ الجامع بين القصدين ، قصد الإرادة ، وقصد المصلحة ثبوتا.
وقبل الدخول في بحث الجهة الثانية ، نسجل شكا صغرويا في المقام ، وهو أن قصد المصلحة لا بدّ وأن يكون قصدا قربيا إذ لعلّ قصد المصلحة أصلا لا يكون قصدا قربيا ، وذلك لأن المصلحة.
تارة تفرض أنها مصلحة للمولى كما هو الحال في الموالي العرفية ، فإن العبد قد يأتي ببعض الأشياء وإن كان مولاه غنيّ عنها ولا يهتم بمصالح نفسه ولا يحبّها ، فمثل هذه عبودية وتقرّب نحو المولى.
وأخرى يفرض أن المصالح ، مصالح العبد ، لا مصالح المولى ، كما هو الحال في ملاكات أحكام مولانا سبحانه وتعالى ، فإن ملاكات أحكامه هي عبارة عن مصالح العباد ، لا مصالح ذاته المقدسة ، وحينئذ لو أن إنسانا أتى بالفعل باعتبار المصلحة ، فصار يدفن الموتى باعتبار مصلحة دفن الموتى ، وهي التخلص من إضرار الجثث.
وحينئذ هذا الإنسان الدّافن ، تارة لا ينسب هذه المصلحة إلى المولى بأي شكل من الأشكال ، إذن كيف يكون هذا تقربا إلى المولى حتى يصدق عليه أنه عبادة ، وتارة أخرى يكون المحرّك لهذا الإنسان ، هذه المصلحة ، باعتبار كونها موردا لاهتمام المولى ، إذن يرجع إلى التحرك عن الإرادة ولم يبق تحركا صرفا عن المصلحة.
وبعد تسجيل هذا الشك الصغروي ، نرجع إلى ما كنا فيه ، من بحث الجهة الثبوتية ، حتى نرى ، هل أن محذور أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر يسري أيضا فيما لو أخذنا الجامع بين قصد امتثال الأمر ، وقصد المصلحة ، وقصد المحبوبية ، أو لا يسري؟.
وحينئذ يقال ، بأنه إذا كان محذور الاستحالة هو الوجه الأول من الوجوه الأربعة ، حيث كان يلزم من أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر ، أخذ