وهو الطيران إلى السماء ، لأن التعجيز ، لا يكون تعجيزا بالطيران إلى السماء ، وإنما يكون تعجيزا ، بالأمر بالطيران إلى السماء ، فالتعجيز ، معناه ، إبداء مطلب ، يظهر به عجز زيد ، والمطلب الذي يكون موجبا لظهور العجز ، إنما هو الأمر بالطيران ، لا نفس الطيران ، وكذلك الحال فيما إذا أمر الفقير ، بشراء القصر استهزاء به ، فإن الاستهزاء ، يكون بالأمر بالشراء لا بنفس الشراء ، بل لو اشتراه حقيقة ، لما استهزأ به ، لأنه غني.
وعلى هذا ، لا بدّ في المقام ، من تعطيل مدلول المادة رأسا بأن يقال ، بأن المادة لم تستعمل في معنى ، أو استعملت في معنى ، ولكنه ليس هو متعلق التعجيز ولا هو متعلق الاستهزاء ، فليس الاستهزاء بمدلول المادة ، يعني بشراء القصر ، وليس التعجيز بمدلول المادة أي بالطيران ، وهذا كاشف قطعي ، عن أنّ الاستهزاء والتعجيز وغير ذلك فرع الفراغ عن وجود مدلول محفوظ في سائر الموارد لصيغة افعل ، وهو النسبة الإرسالية الدفعية حتى يتصور ، تارة الطلب ، بهذه النسبة ، وأخرى التعجيز بهذا الإرسال.
فالتعجيز والاستهزاء وغيره ، يحتاج في المرتبة السابقة ، إلى فرض شيء غير مدلول المادة ، فمجرد مدلول المادة وهو الطيران إلى السماء ، ونفس شراء القصر ، لا يكفي في تعقل التعجيز والاستهزاء ، بل لا بدّ من فرض شيء آخر ، وراء المادة.
فالصحيح ما عليه المشهور ، من أن صيغة «افعل» ، لها مدلول واحد محفوظ في سائر الموارد ، وإن اختلفت دواعي الاستعمال.
ثم إن صيغة «افعل» ، حين صدورها ، هي مستعملة في النسبة الإرسالية ، بمقتضى أصالة الحقيقة ، لكن ، هل هي مستعملة بداعي الإرادة ، أو بداعي التعجيز مثلا ، مع عدم وجود قرينة خاصة على شيء من ذلك ، فما هو مقتضى ظهور العبارة؟.
لا إشكال في أن ظاهر العبارة ، هو أن تكون مستعملة بداعي الإرادة ، لا