المقام الثاني :
مقتضى الأصلى العملي في المسألة الثانية وتحقيقه ، هو نفس التحقيق السابق ، في الأصل العملي في المسألة السابقة ، فإن قيل بإمكان تعلق الوجوب بالجامع بين الحصة الاختيارية والحصة غير الاختيارية ، إذن فالشك في المقام ، يكون داخلا في الأقل والأكثر الارتباطيين ، باعتبار أنه يعلم بوجوب الجامع بين الحصتين ولا يعلم بوجوب الزائد على ذلك ، فيدخل في الأقل والأكثر الارتباطيين وفيه تجري البراءة.
ولو فرض بأن الوجوب ، علم تعلقه بخصوص الحصة الاختيارية ، وشك في أن الوجوب هل هو مقيّد بعدم الحصة غير الاختيارية أو لا؟ ، فهنا إن كان الشك في تقييده على نحو الشرط المتأخر ، بمعنى أن ثبوت الوجوب لخصوص الحصة الاختيارية منوط من أول الأمر بعدم وقوع الحصة غير الاختيارية إلى الأخير ، إذن فلو وقعت الحصة غير الاختيارية في الأثناء ، يكون ذلك موجبا للشك في أصل الوجوب ، وحينئذ ، لا مجال لاستصحاب الوجوب ولا لأصالة الاشتغال ، بل تجري البراءة ، لأنه شك في أصل الوجوب.
وأما إذا كان الشك في تقييده على نحو الشرط والقيد المقارن ، إذن فهذا الوجوب من أول الأمر كان ثابتا على كل حال ، لأنه لم يكن هناك مسقط ، وبعد أن تقع الحصة غير الاختيارية في الأثناء ، يشك في أنّ ذاك الوجوب هل سقط أو لم يسقط؟. فإن قبل بجريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية فهو ، وإن قيل بعدم جريانه ، تصل النوبة إلى البراءة والاشتغال ، وحينئذ إن كانت المسقطية المحتملة من باب المسقطية بالتعذر ، بمعنى أنّ الغرض محبوب للمولى ، لكنّه متعذر ، فحينئذ ، يصير الشك من باب الشك في القدرة ، فتجري أصالة الاشتغال ، وإن كانت المسقطية المحتملة ، من باب إخراج الغرض عن كونه غرضا ومحبوبا للمولى بحيث أنه لم يبق محبوبا للمولى ، إذن فتجري البراءة كما تقدم تفصيله في المسألة السابقة.