أمر المولى لحصلت القدرة ، إذن فما هو الموقوف على الأمر ، غير ما يكون الأمر موقوف عليه ، إذ ما هو موقوف على الأمر إنما هو القدرة الفعلية على قصد امتثال الأمر ، وما يكون الأمر موقوفا عليه ومشروطا به ليس هو القدرة الفعلية ، لأن برهان الاشتراط إنما هو حكم العقل ، والعقل لا يأبى عن تكليف العاجز إذا كان نفس التكليف موجبا تكوينا لخروجه عن عجزه ، إذن فما هو الشرط في نظر العقل ، وما تمّ البرهان عليه ، إنما هو إمكان حصول القدرة ولو بالأمر ، لا حصول القدرة فعلا.
إذن فالموقوف على الأمر غير الموقوف عليه الأمر وبذلك يندفع الدور.
البيان الثالث
للبرهنة على استحالة أخذ قصد امتثال الأمر قيدا في متعلق الأمر هو أن يقال ، بأن الأمر إذا تعلّق بالصلاة مع قصد امتثال الأمر ، أصبح المكلّف عاجزا عن الإتيان بها مع قصد امتثال الأمر ، فأخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر ، يوجب عجز المكلّف عن الامتثال ، وبذلك يكون أمرا بغير المقدور والأمر بغير المقدور غير معقول ، وتوضيح ذلك :
هو أن إمكان الإتيان بالصلاة بقصد امتثال الأمر ، يتوقف على أن يكون هناك ذات متعلقا للأمر ، ومصداقا للواجب ، لوضوح أنّ ذات الصلاة لو لم تكن متعلقا للأمر فلا يعقل الإتيان بها بقصد امتثال الأمر.
وحينئذ إن فرضنا أن الأمر تعلّق بذات الصلاة ولم يؤخذ في متعلقه قصد الامتثال فلا إشكال في المسألة ، لأن ذات الصلاة أصبحت متعلقا للأمر ، فيمكن للعبد أن يأتي بالصلاة بقصد امتثال الأمر المتعلق بها ، لأنه قادر على ذلك.
وأمّا إذا لم يتعلق الأمر بذات الصلاة ، بل تعلّق بالمجموع المركّب من الصلاة وقيد قصد امتثال الأمر ، فإذا لم تقع ذات الصلاة متعلقا للأمر ، فلا يعقل أن يقصد بها امتثال الأمر ، لأن قصد امتثال الأمر بالصلاة ، فرع أن يكون