العاشر : ظاهر قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) أنّها أشهر معلومة عند العرب وقد أقرّها الإسلام. ويستفاد منه أنّ ذا الحجة من أشهر الحج يصح إيقاع بعض الأعمال التي يعتبر أن تكون في الحج فيه كما في ثلاثة أيام الصّوم ويدل عليه صحيح عبد الرحمن بن الحجاج.
كما يستفاد منه أنّه لا يجوز الإحرام بالحج في غير الأشهر الثلاثة كما لا يصح إحرام عمرة التمتع في غيرها لأنّها داخلة في الحج كما عرفت.
الحادي عشر : ظاهر قوله تعالى : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) أنّه يجوز إيقاع إحرام الحج في أيّ وقت من هذه الأشهر الثلاثة إذ أنّ فرض الحج يتحقق بالإحرام فيهنّ. كما أنّ ظاهر قوله تعالى : (فَمَنْ فَرَضَ) أنّه يجب إتمامه لأنّه جعله فرضا على نفسه.
الثاني عشر : يستفاد من قوله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) وجوب الوقوف فيها وأنّ له وقتا محدودا يجتمع الناس فيها ويفيضون فإنّ الإفاضة لا تكون إلا بعد الكون كما يستفاد من قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) وجوب الوقوف ولو بقدر الذكر عند المشعر الحرام.
والمراد من الذكر : مطلق التسبيح والتهليل والدعاء ، وقد ورد في رواية أبي بصير عن الصادق (عليهالسلام) : «يكفيه اليسير من الدعاء».
الثالث عشر : المستفاد من سياق قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) أنّه الإفاضة من المشعر الحرام إلى منى لأنّه تعالى ذكر الوقوف بعرفات والإفاضة منها فيكون كلاما مستأنفا لا أن يكون تأكيدا للإفاضة من عرفات والتأسيس خير من التأكيد لكثرة الفوائد فيه.
الرابع عشر : إنّ قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) مطلق من حيث الكيفية والكمية إلا أنّ السنة حدّدته بخمسة عشرة تكبيرة من بعد كلّ فريضة من صلاة الظهر يوم النّحر إلى صلاة الصبح من اليوم الثالث عشر.
وصورته المتفق عليها بين المسلمين : «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد». وقد زاد أصحابنا تبعا للمأثور عن الأئمة الهداة