من أهل الجنة ويستحق الثواب الدائم.
٢ ـ وإمّا أن يكون كافرا ويموت على الكفر فهو من أهل النار.
٣ ـ وإمّا أن يكون قد خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، فإن وفّق للتوبة يكون من أهل الجنة.
٤ ـ وإن لم يوفق للتوبة فإمّا أن يستحق ثواب إيمانه أولا ، والثاني باطل بالأدلة الشرعية والعقلية ، فيتعيّن الأول ، وحينئذ فإمّا أن يثاب ثم يعاقب ، وهو باطل إجماعا ، أو يعاقب ثم يثاب بالجنة ، وهو صحيح ، للنصوص الدالة عليه.
فلا موضوع للإحباط والموازنة الكليتين. نعم لا بأس بهما في الجملة. هذا إجمال الكلام ، ويأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام فيهما.
الخامس : يدل قوله تعالى : (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أنّ الحبط إنّما يكون بالنسبة إلى الأعمال وآثارها ، ففي الدنيا يحكم على المرتد بكفره وموته ، وتبين منه زوجته ، وتعتدّ عدة الوفاة ، وتقسّم أمواله بين ورثته ، ولا توبة له بالنسبة إلى هذه الأربعة ، وأما بالنسبة إلى غيرها فالمحققون من الفقهاء على قبول توبته ، وأما بالنسبة إلى الآخرة فلا ثواب له ومأواه النار ، هذا حال المرتد الفطري. وأما الملّي فله أحكام خاصة مذكورة في كتب الفقه.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) أنّ سبب القتال مع المشركين إنّما هو الفتنة والافتتان في الدّين ، ويرجع ذلك إلى تعاند الحق والباطل الذي هو من الأمور العقلية ، بل الفطرية والشرعية. والمراد بالحق كلّ ما حققه الله جلّت عظمته ، كما أنّ المراد بالباطل كلّ ما أبطله الله وهو تعالى عالم بهما ولا يخفى عليه شيء مما خلق. فلا بد من إحقاق الحق وإبطال الباطل ، اللذين هما أساس النظام الأحسن ، ويجب عقلا مراعاته ، ويقبح إهماله ، وهو محال بالنسبة إلى الحكيم جلّ جلاله لا سيّما إذا كان إحقاق الحق وإبطال الباطل بالنسبة إلى الحياة الأبدية للإنسان الذي هو أشرف