الكتب السّماوية والسنة الشريفة ، ويأتي تفصيل هذا الإجمال بعد ذلك.
٢٢٠ ـ قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ).
الآية تتضمن حكما من الأحكام الاجتماعية النظامية ، وهو الاهتمام بشؤون اليتامى ، فأمر سبحانه بالإصلاح لهم في جميع شؤونهم فإنّه من الخير المحبوب لدى الجميع ، فيشمل إصلاح نفوسهم بالتربية والأدب ، وإصلاح أموالهم بالتنمية والتكثير ، وإصلاح المعاشرة معهم ، كلّ ذلك لإطلاق الآية الشريفة فإنّها تشمل جميع أنحاء الإصلاح في النفوس والأموال والأحوال.
والتنكير فيها يدل على أنّ هذا الإصلاح لا بد أن يكون واقعيا لا مجرّد الإصلاح الظاهري الادعائي فقط ، ويرشد إلى ذلك قوله تعالى في ذيل الآية الشريفة : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).
وسياق الآية المتضمنة لنوع من التسهيل في أمر اليتامى حيث إنّها أجازت مخالطة اليتامى ، وذكر سبحانه في ذيلها : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) يكشف عن أنّ الحكم في أمر اليتامى كان شديدا ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [النساء ـ ٩] ، وقوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) [النساء ـ ٢] ، ومن ذلك يظهر أنّ هذه الآية نزلت بعد تلك الآيات ، وهذا مما يؤكده بعض الروايات كما سيأتي في البحث الروائي.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ).
عناية أخرى بأمر اليتامى حيث أمر الناس بالمخالطة معهم ، واعتبرها كمخالطة الأخ لأخيه ، وليس من شأن الأخوة ابتعاد بعضهم عن البعض.
والآية تشير إلى أهم ركن من أركان الاجتماع الذي به تتحقق المساواة بين الأفراد ، وهو الأخوة بينهم فإنّها إن تحقّقت في أي اجتماع جلبت الخير والسعادة لهم والإخلاص بين أفراده مع الصفاء وحسن النيّة ، وتجعل الفرد يشعر بأنّه يسعى إلى مصلحة المجتمع وهذه هي الأخوة الحقيقية التي نادى