المسلمين ، وأنّ البقاء على الشرك أشدّ وأعظم من القتال مع المسلمين.
قوله تعالى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ).
استثناء عن الأمر بالقتال في كلّ مكان ، فنهى عنه عند المسجد الحرام ، للزوم احترامه وتعظيمه إلا أن يقاتلوكم فيه ويهتكوا حرمته فلا حرمة لهم ولا أمان حينئذ.
وإنّما عبّر سبحانه بلفظ (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ليشمل المسجد والحرم الأقدس الإلهيّ المحيط به ، فإنّه حرم منذ أن خلق الله تعالى الأرض وإلى أن يرثها ومن عليها فتظهر وحدة المبدأ والمرجع ، وتظهر حقيقة (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [الأعراف ـ ٢٩].
والضمير في «فيه» يرجع إلى الحرم والمكان المدلول عليه بقوله تعالى : (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
قوله تعالى : (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ).
تأكيد للحكم السابق وتحذير لهم بأن لا يقدموا على قتلهم من غير ابتداء قتال منهم ، ولا يهتكوا حرمة المسجد الحرام من غير سابق هتك منهم ، فإذا قاتلوكم عند المسجد الحرام فاقتلوهم فإنّهم هتكوا حرمته ولا يمكن أن يكون الحرم حينئذ أمنا لهم فلا بد من عقابهم بعقوبة مماثلة.
ويمكن أن يكون التكرار لأجل بيان شناعة الذنب فلا بد من الشدّة في العقوبة.
قوله تعالى : (كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ).
أي : أنّ جميع ما مر من القتل ، والإخراج ، والقتل في المسجد الحرام عند هتكهم له جزاء الكافرين ، وقد جرت سنته تعالى أن يجازي الكافرين بمثل هذا الجزاء ، لأنّهم هتكوا حرمات الله تعالى وبدءوا بالعدوان ، وتعرّضوا لعذاب الله تعالى وسخطه. والآية المباركة تدل على قمع أصلهم واستئصال نسلهم.